تخطى إلى المحتوى

شرح حديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

    شرح حديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

    عن أنس رضي الله عنه عن النبي -ﷺ‏- قال: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.

     

     ثم عقد رحمه الله هذه الترجمة قال باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقبل أن أشرح في بيان ما يتعلق بهذه الترجمة أؤكد ما ذكرته سابقًا وهو ما أشار إليه الحافظ ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- أن شُعب الإيمان بضع وسبعون شُعبة أو في رواية أخرى بضع وستون شُعبة.

    أي هذا العدد الذي يزيد عن سبعين ضمَّنه الإمام البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه.

     

     

    وأؤكد على ما أشرت عليه سابقًا أن يجتهد طالب العلم أن يجمع لنفسه من كتاب الإيمان شُعبًا من خلال الآيات والأحاديث والآثار التي ساقها الإمام البخاري بالرجوع إلى الأصل ولا يكفي هذا العمل المختصر الذي بين أيدينا، وأنبه أن هذا المختصر لا يغني عن الأصل لكن أهل العلم اعتنوا بمثل هذه المختصرات تقريبًا للفائدة حتى يكون قراءة المختصر سلمًا يرتقي إليه للوصول إلى الأصول. 

    لأن لو بدأ بالأصول ربما يعقده طولها مع ضعف همته على إتمامه، لكن المختصرات يمكن إتمامه في فترة زمنية قصيرة

     

    لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

    قال -رحمه الله- باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، أريد أن أسألكم قوله من الإيمان، هل من المراد هنا الإيمان الواجب أم الإيمان المستحب

    لكن قبل أن تجيبوا على هذا السؤال سوف أزيده بيانًا.  هل المراد بأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك هل هو واجب عليك أم هو مستحب؟!

    إن قلت واجب عليك فمعنى ذلك إن لم تحب لأخيك ما تحب لنفسك أثمت ونقص إيمانك الواجب، وإن قلت أنه مستحب فإن فعلت ذلك أجرت وإن لم تفعل ذلك لم تأثم.

    نرجع لسؤالنا قبل أن نجيب أيضًا على السؤال أزيده توضيحًا إذا مثلًا مَنَّ الله عليك سبحانه وتعالى بمستوي عالٍ من العلم أو بمستوى عالٍ من التجارة، هل تحب مثل هذا الذي حصل لك أن يحصل لإخوانك المسلمين أم أن نفسك تشح أو تبخل فلا تريد أن يكون ذلك للآخرين ؟!

     

     

     

    ابن عباس -رضي الله عنه- لم أفهم آيًة من كتاب الله إلا وتمنيت لو فهمها الناس مثل ما فهمتها

    والشافعي -رحمه الله- يقول وددت لو دخل الناس في دين الله أفواجًا ولم يكن لي من ذلك شيء

    هل الإنسان وصل به حب الخير لإخوانه لهذا المستوى العالي الرفيع؟ يحب لإخوانه ما يحب لنفسه أو أن نفسه فيها شح وأنانية وحسد وعدم رغبة أن يحصل الناس مثل ما عنده؟

    أيضًا نعود للسؤال يقول من أيضًا أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، هل يجب علينا أن نحب لإخواننا المسلمين مثل ما نحب لأنفسنا أم أنه مستحب فقط.

    الحديث في المحبة فقط لا تدفع ولا شيء، دون أن ينقص أي شيء من الذي عندك، البحث في هذه المحبة أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك

     

     

     

    وهذا أيضًا يتضمن الجانب الآخر لأنه يدل عليه هذا باللزوم تحب له ما تحب لنفسك وتبغض له ما تبغضه لنفسك.

    فالمسلمون أفراحهم واحدة وأحزانهم واحدة

    نسأل الله أن يحفظ اخواننا في سوريا وأن يحقن دمائهم وأن يحفظ أعراضهم وأن يحفظ أموالهم بمَنِّه وكرمه وجوده.

     

    [ لابد هنا أن نعرف قاعدة مهمة ] لا يُنفى الإيمان عن شخص إلا بترك واجب أو فعل محرم…

    قاعدة دلائلها وفوائدها كثيرة.

    (لا يؤمن) لا تأتي في أمر مستحب انما تأتي في أمر واجب.

    أورد الإمام البخاري -رحمه الله- تحت هذه الترجمة حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -ﷺ‏- أنه قال لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه، هنا نفي للإيمان

    والقاعدة تقول لا يُنفى الإيمان إلا في ترك واجب أو فعل محرم،

    أصحاب القول بالاستحباب وأصحاب القول بالوجهين، هل لا يزالون عند قولهم، أم أننا اتفقنا جميعًا على قول واحد وهو أن المقام هنا تركٌ واجبٌ.

    فقوله من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه أي من الإيمان الواجب لأن الإيمان فيه مستحب وفيه واجب.

    فإذا من جمال هذا الدين وكماله وعظمته أنه يطلب من كل مؤمن أن يقوم في قلبه حبه لأخيه

     

     

     

     

    وهنا أيضًا “لأخيه” مفرد مضاف والقاعدة أن المفرد إذا أضيف يَعُمُّ.

    والمراد بقوله “لأخيه” أي لإخوانه المسلمين جميعًا.

    هذه المحبة العظيمة الواجبة هل تكون موجودة في القلب إذا كان في القلب أحقاد وضغائن وحقد؟!

    لا والله..!

    فإذن وجود الحسد والغل والضغائن وأمراض القلب الأخرى في القلب هذا من الدلائل على نقص الإيمان الواجب الذي يكون الإنسان فيه عرضة للعقوبة.

    ولهذا المسلمون دعوتهم واحدة ومن كان بلغ قلبه هذا المبلغ فهذا من أمارات تكميل الإيمان الواجب ودليل على أن نقاء القلب وصفاءه وبعده من تلك الآفات والأمراض التي ابتلي بها كثير من القلوب.

     

    شرح حديث لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

    نسأل الله العليم رب العرش العظيم بأسمائه الحسنى وصفاته العليا الذي أكرمنا ومن علينا بسماع هذا الحديث وفهم هذا الحديث أن ييسر لنا تطبيقه والعمل به،

    نسأل الله أن يجعل سماعنا لهذا الحديث وفهمنا لمعناه حجة لنا لا علينا نسأل الله أن يصلح قلوبنا

    اللهم املأ قلوبنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، اللهم أعنا ولا تعن علينا وأنصرنا ولا تنصر علينا وأمكر لنا ولا تمكر علينا.

    واهدنا ويسِّر الهدى لنا وانصرنا على من بغى  علينا، اللهم اجعلنا لك شاكرين، لك ذاكرين، لك أواهين، منيبين.

    اللهم تقبل توبتنا وثبت حجتها واهدِّ قلوبنا وسدد ألسنتنا، اللهم أصلح ذات بيننا، اللهم أصلح ذات بيننا، اللهم أصلح ذات بيننا، وألِّف بين قلوبنا واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور.

    اللهم رحمتك نرجو فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين وأصلح لنا شأننا كله لا إله إلا أنت.

    اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما حيينا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا آخر همنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

    اللهم صلَّ وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين.

    (مستفاد من تعليقات الشيخ عبد الرزاق البدر وفقه الله بتصرف)

     

    ننصحك بقراءة التالي:

    من تعار من الليل

    اغتنم خمسا قبل خمس

    خيركم من تعلم القرآن وعلمه