تخطى إلى المحتوى

شرح حديث أمرت أن أقاتل الناس

    شرح حديث أمرت أن أقاتل الناس

    الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد..

    فيقول الإمام الزبيدي -رحمه الله- في كتابه التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح في كتاب الإيمان، باب “فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم “

    قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ .”

     

    الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد  أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    أما بعد

    فهذه الترجمة باب “فإن تابوا وأقاموا الصلاة خلوا سبيلهم”

    عقدها الإمام البخاري -رحمه الله- في كتابه الصحيح لبيان مكانة العمل من دين الله -عز وجل- وأن الدين والإيمان لابد فيه من عمل

    وكذلك تتضمن هذه الترجمة الرد على هؤلاء الذين يزعمون أن الإيمان لا يحتاج إلى عمل ويخرجون العمل من مسماه

    فهذه الترجمة معقودة لبيان مكانة العمل من الدين، ونظير هذه الآية الكريمة التي ترجم بها المصنف رحمه الله قول الله عز وجل : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.

    فرُتبت الأخوة في الدين على وجود العمل وإقامة شرائع الإسلام والقيام بفرائض الدين، ويوضح هذه الترجمة ويبينها حديث ابن عمر رضي الله عنهما : أن قَال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “أُمِرْتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، ويُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ، فَإِذا فَعَلوا ذلكَ، عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ .”

    الناس أي المشركين الذين لا يوحدون الله

    قوله ” ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة “ هو نظير ما جاء في الآية من بيان لمكانة العمل وإقامة شرائع الدين حيث أؤمر ﷺ بمقاتلة هؤلاء علي فعل التوحيد وقتل المشركين وإقامة شرائع الدين

    وهذه شرائع الدين الظاهرة.

    “فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم” قوله “عصموا” هذا نظير ما جاء في الآية “فخلوا سبيلهم” أي ما داموا بهذه الصفة يشهدون انً لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.

    وهذه الشرائع الظاهرة قد تقع من المنافق لأن المنافق قد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة نفاقًا لا دينًا وتقربًا إلى الله سبحانه وتعالى، فهذا أمره لا يُعلم لأن الناس لهم الظاهر أما القلوب فهي عند الله سبحانه وتعالى.

    فإذا شهد الشهادتين فهو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين حتى لو كان الذي في قلبه شيء آخر فالناس لا يعلمونه ولذلك قال في الحديث وحسابهم على الله، قوله “إلا بحق الإسلام” أي ما لم يأتوا بأمر يناقض ذلك مما دل الإسلام على أنه مناقض للدين مخرِج من الملة موجب للعقوبة.

    [ مستفاد من كلام الشيخ عبد الرزاق البدر بتصرف ]

    شرح حديث أمرت أن أقاتل الناس

    قوله: “أمرت” أي: أمرني الله تعالى إذ ليس فوق رتبة النبي – صلى الله عليه وسلم – من يأمره إلا الله عزَّ وجلَّ، ولا يأتي هاهنا الاحتمال الوارد في قول الصحابي: أُمِرْنَا أَوْ نُهِيْنَا، لأن فوق الصحابي من يحتمل إضافة الأمر إليه، والإحالة به عليه من خليفة ومعلم ووالد ورئيس ونحوه، وليس فوق الرسول عليه الصلاة والسلام من يضاف أمره إليه إلا الله عزَّ وجلَّ وجبريل، وهو إنما يأتي بأمر الله عزَّ وجلَّ.

    وفيه فوائد:

    1- أن من ضيع فريضة من فرائض الله جاحدا لها فهو كافر، فإن تاب وإلا قتل، ومن ضيع منها شيئا غير جاحد لها فأمره إلى الله، ولا يقطع عليه بكفر، وسيأتى حكم تارك الصلاة.. [راجع شرح ابن بطال على البخاري]

    2- قوله: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله” يرد على المتكلمين وعلماء الكلام الذين خالفوا أئمة الإسلام من السلف والخلف في إيجابهم تعلم أدلة المتكلمين في معرفة الله وهذا كله باطل لا دليل عليه بل الأدلة تدل أنه يكفي النطق بالشهادتين ليدخل الرجل إلى الإسلام من غير خلاف بين السلف.

    3- فيه حرمة دم المسلم 

    شرح حديث أمرت أن أقاتل الناس

    وننصحك أيضا بقراءة التالي:

    يفر بدينه من الفتن

    لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه

    بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا