تخطى إلى المحتوى

شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده

    شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده

    شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده إحدى الدرر السنية التي فيها معاني عظيمة فيما يخص توبة العبد إلى ربه عز وجل، وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز (( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ))، فمن أذنب ذنبا ويندم عليه ويريد أن يرجع إلى حياته قبل أن يفعل هذا الذنب، فالأمر بسيط وطريق التوبة مفتوح أمامه في اي وقت، لا يحتاج منك سوى أن تندم حق الندم على ما اقترفت من ذنوب وآثام، ومن ثم تتوب وترجع إلى الله عز وجل وأنت خاضع ذليل ونادم على ما فات ومستعد إلى أن تكون مع الله وتمشي على الصراط المستقيم، وحول شرح الحديث نتابع تفاصيل المقال.

     

    التوبة النصوح وشروطها

    يقصد بالتوبة النصوح هي تلك التي تكون خالصة لوجه الله تعالى، وفيها يقرر المسلم عدم العودة إلى الذنب مجدداً، حتى ولو عاد لاحقاً فإن توبته وقتها تكون صحيحة لأنه يجزم عليها وعلى عدم العودة للذنوب، وما يحدث بعد ذلك يكون غير متوقع من صاحب الذنب ذاته، وهذه التوبة النصوح يكون لها شروط تدل دلالة واضحة على كونها صحيحة، المهم أن يتوب المسلم حتى يتوب الله عليه، مهما كانت ذنوبه، فقد قال الله تعالى : ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ))، وفيما يلي الشروط الثلاث للتوبة النصوح :

    • الندم على ما مضى : أمر مهم وأساسي في توبة العبد، ومن يعزم على التوبة يندم على جميع الذنوب التي ارتكبها وهذا شيء بديهي.
    • ترك الذنب : يعني عدم السير في هذا الذنب، وذلك من خلال ترك كل الطرق المؤدية إليه والبعد عنه بشكل تام، مخافة الله.
    • الجزم على عدم العودة : من المهم وجود شعور قوي وإرادة تجاه قرار عدم العودة إلى نفس الذنب مجددا، فإذا ارتكب الفرد ذنبا عليه أن يترك هذا الذنب الشنيع ويتوقف عنه تماماً.
    • هذه هي الشروط الثلاثة التي متى توفرت في المسلم التائب كانت توبته نصوحا و خالصة لوجه الله تبارك وتعالى.

     

     

    شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده

    جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {لَلهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلَته بأرضٍ فَلَاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيسَ منها، فأتى شجرةً فاضطجَعَ في ظلِّها قد أيس من راحِلَته، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمةً عنده، فأخذ بخِطامها، ثمَّ قال مِن شدَّة الفرح: اللهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، أخطأ من شِدَّة الفَرح }، هنا في الحديث يتبين لنا عدة مسائل مهمة تشرح معنى الحديث، وهي كالتالي :

    • المسألة الأولى : الله عز وجل يفرح كثيرا بتوبة العبد، وتلك الفرحة مخالفة لفرحة العبد فهي معلومة المعنى لكن لا تعرف كيفيتها، وهي أعظم من فرحة العبد، فالله تبارك وتعالى لا يشبه المخلوقات، وفرحة الله بتوبة العبد من أعظم النعم التي ينالها العبد.
    • أما المسألة الثانية : أن فرحة الله تبارك وتعالى لا علاقة لها بحاجة، لأنه سبحانه غني عن طاعتك أيها المسلم، وغني عن أي شيء منك فيما يتعلق بالتوبة أو غيره، وفرحته تلك ما هي إلا رحمة منه وإحسان منه، لأنه يكره لعبده العذاب والكفر، بالتالي يحب له التوبة والإيمان.
    • الأمر الثالث : الحديث يبين أن التوبة لها فضل عظيم وهو محبة وفرح الله تبارك وتعالى بالعبد بعد توبته، لاسيما وأن فرح الرب بعبده يستلزم منه المغفرة وقبول التوبة
    • المسألةالرابعة : الحديث يبين بشكل واضح أن خطأ العبد أو معصيته مهما بلغت لا ينبغي الاستمرار فيها بحجة أن الله لن يقبل التوبة، بل على العكس تماماً، فرح ربنا سبحانه وتعالى بتوبة العبد المقصود منها ترغيب المسلم في التوبة، والعدول عن الأخطاء والمعاصي التي نهى الله عنها، فهذه الفرحة بمثابة حافز للمسلم لكي يرجع ويتوب وينوب.

     

    وهذا هو شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده بشكل مبسط يتمكن المسلم فيه من استيعاب معنى وقيمة فرحة الله عز وجل بتوبة عبده

    احاديث عن فضل التوبة

    عقب وضوح شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده ينبغي الاطلاع على بعض الأحاديث في فضل التوبة، والتي نبينها في النقاط التالية :

    • وردت أحاديث تبين مدى حب الله لعبده التائب، وأنه يفتح ابواب تلك التوبة دائماً، ومن بينها أن النبِي صلى الله عليه وسلم قال { إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها}، الحديث رائع حيث يبين أن الله يبسط يده ليستغفر المستغفر حتى يغفر له
    • وهناك حديث آخر يبين أنه مهما كان الوقت فهناك فرصة للتوبة، ويتجلى هذا واضحاً في حديث النبي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلوات ربي وسلامه عليه أنه قال : { مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا تَابَ الله علَيْه }، رواه مسلم.
    • أهم شيء أن يسارع العبد في توبته قبل أن يأتي يوم وفاته، وقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين قال :  { قَالَ: إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ }.

     

    آيات قرآنية ترغب في التوبة

    شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده ليس الوحيد الذي بين مدى فرح الله بتوبة العبد وامتناعه عن المعاصي والذنوب، بل إنه يوجد الكثير من الآيات القرآنية التي بينت قيمة الإقلاع عن الذنب والتوبة النصوح، ومن بينها ما يلي :

    • قال الله تعالى في سورة الشورى (( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ )).
    • ومن بين آيات الترغيب والحث على التوبة ما ورد في سورة النور، فقد قال الله عز وجل ((  وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ))
    • التوبة الصحيحة هي النصوح الخالصة والخالية من حل رياء، فقد قال الله في كتابه العزيز بسورة التحريم (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا)).

     

     

    رد المظالم من أساسيات قبول التوبة

    هناك مظالم وذنوب متعلقة برد المظالم إلى أصحابها، فإذا كنت أيها المسلم عليك ذنب متعلق برد حقوق الغير، عليك برد هذه الحقوق حتى يتقبل الله تبارك وتعالى توبتك، لأنها ليست مجرد ذنب في حق نفسك فحسب بل في حق غيرك من العباد، ومعروف بأنه يجب رد الحقوق المتعلقة بالعباد لأن هذا شرط أساسي، وإلا سوف يقتص المظلوم من الظالم يوم القيامة، وقد بين ذلك قول النبي صلوات ربي وسلامه عليه : { إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار، فيتقاصون مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا نقوا وهذبوا أذن لهم بدخول الجنة }.رواه البخاري.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال نبي الله صلى الله عليه وسلم :  { من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه }.

     

    مَدَحَ الإلهُ خليلَهُ من وصفهِ
    بالحِلِمِ والأَوْبَةِ حينًا بعد حينْ
    هو خالقُ البشرِ ويعلمُ ضعفهمْ
    فرجوعُهمْ بهِ القلوبُ ستستكينْ
    وسترتشفْ من نبعِ قُربٍ رائقٍ
    من ذاقَهُ طُوبى لهُ ذاكَ المَعِينْ
    والتائبونَ إلى الرحيمِ يضمُّهمْ
    في كَنَفِهِ حتى يكونوا فائزينْ
    فارجعْ! فإنَّ البابَ دومًا مُشْرَعٌ
    واربأ بنفسكَ عن طريق اليائسينْ

    حنان إبراهيم

    أحاديث ننصحك بقراءتها:

    شرح حديث بني الاسلام على خمس

    قصة هرقل مع أبي سفيان

    شرح حديث سبعة يظلهم الله في ظله

    شرح حديث أتدرون ما الغيبة

    شرح حديث اذا دخل اهل الجنة الجنة

    ثلاث من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان