تخطى إلى المحتوى

شرح حديث اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه

    شرح حديث اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه

    مُلقي الحديث: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم اغفر لوالدينا ولشيخنا والحاضرين والمسلمين اجمعين، قال عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أن رسول الله (ﷺ) «أعْطَى رَهْطًا وسَعْدٌ جالِسٌ فيهم، قالَ سَعْدٌ: فَتَرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ منهمْ مَن لَمْ يُعْطِهِ، وهو أعْجَبُهُمْ إلَيَّ، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما لكَ عن فُلانٍ؟ فَواللَّهِ إنِّي لأَراهُ مُؤْمِنًا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أوْ مُسْلِمًا، قالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي ما أعْلَمُ منه، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما لكَ عن فُلانٍ؟ فَواللَّهِ إنِّي لأَراهُ مُؤْمِنًا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أوْ مُسْلِمًا، قالَ: فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي ما عَلِمْتُ منه، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما لكَ عن فُلانٍ؟ فَواللَّهِ إنِّي لأَراهُ مُؤْمِنًا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أوْ مُسْلِمًا، إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرُهُ أحَبُّ إلَيَّ منه، خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ في النَّارِ علَى وجْهِهِ».

     

    الشارح: أحسنت بارك الله فيك، هذا الحديث يرويه سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – أحد العشرة المبشرين بالجنة و أحد السابقين الأولين – رضي الله عنه – سعد بن أبي وقاص أبو وقاص اسمه مالك هذه كنيتهُ والد سعد اسمه مالك يقول أن رسول الله (ﷺ) «أعْطَى رَهْطًا» الرهط عدد من الرجال من الثلاثة إلى العشرة ولا مفرد لها جماعة من رجال من ثلاثة إلى عشرة يُطلق عليهم عند العرب رهط فأعطى رهطًا عددٌ من الرجال أعطاهم النبي (ﷺ) عطائًا جاءهُ من الصدقة فأعطاهُ لهذا الرهط و سعدٌ جالس

     

    هو سعدٌ هو راوي الحديث و هو الذي يتكلم و يقول و سعدٌ جالس فهذا يسمى عند العرب التجريد، التجريد يتكلم الإنسان عن نفسه وهو راوي القصة أو راوي الحديث التجريد ينتزع المتكلم شخصًا آخر من نفسه، ويتحدث عنه فيقول قال سعد وهو يقصد نفسه وهو يقصد نفسه قال وسعدٌ جالس يعني حاضر القصة مع الرهط الذين كان النبي (ﷺ) يُعطيهم عطاءً فترك رسول الله (ﷺ) رجلًا أعطى هذا وهذا والثالث أو الرابع تخطى وأعطى الخامس والسادس فترك رسول الله (ﷺ) رجلًا هذا الرجل في إحدى الروايات جاء اسمه جُعيل – رضي الله عنه – صحابي جُعيل هذا اسمه في بعض الروايات في غير الصحيح، «فَتَرَكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ منهمْ مَن لَمْ يُعْطِهِ، وهو أعْجَبُهُمْ إلَيَّ»، يقول سعد أعجبهم إليه هو أفضل واحد فيهم هو أصلح واحد في هذا الرهط تركه النبي (ﷺ) فقلت يا رسول الله مالك عن فلان ما سبب عدولك عنه إلى غيره فوالله إني لأراه مؤمنًا لأعلمه مؤمنًا فقال (ﷺ) أو مسلمًا قال سعد إني لأراه مؤمنًا فقال النبي (ﷺ) أو مسلمًا قل أو مسلمًا فهنا يقول «فَسَكَتُّ قَلِيلًا ثُمَّ غَلَبَنِي ما عَلِمْتُ منه» أنا متأكد غالب الظن عندي أنه مؤمن فغلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي مرة أُخرى يقول للنبي (ﷺ) مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنًا فقال أو مسلمًا هاي المرة الثانية فسكْتُ قليلًا ثم غلبني ما أعلم منه فعدت لمقالتي رجعت لقوله الأول وعاد رسول الله (ﷺ)أيضًا لمقالته

    اقرأ أيضا:

    بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي

    اذا دخل اهل الجنة الجنة

    شرح حديث إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا

    شرح حديث يوشك ان يكون خير مال الرجل

    سيأتي على الناس سنوات خداعات

     

    شرح حديث اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه

    ثم قال (ﷺ) يا سعد «إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرُهُ أحَبُّ إلَيَّ منه، خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ في النَّارِ علَى وجْهِهِ» هنا خشيةَ أن يُكب في النار هنا المعنى وغيره أحب إليَّ.

    هذا حديث عظيم فيه فوائد:

    1- قوله فلان يا رسول الله مالك عن فلان؟ لفظ فلان هنا كنايةٌ عن اسم أبهم بعد أن ذكر في سياق القصص يأتي ذكر شخص ثم بعد ذلك قال فلان يُراد به الأول الذي ذكر اسمه سابقًا وهذا من أساليب العرب في كلامهم

    2- قوله والله إني لأَراه وجاء أيضًا لأُراه، لأَراه لأعلمه، لأُراه لأظنه مؤمنًا فرق بين العبارتين وكلاهما صحيح فوالله إني لأَراه، بفتح الهمزة لأَراه أي أعلمه أعلمهُ، وبضمها لأُراه بمعنى أظنه وبهذا المعنى جزم القرطبي – رحمه الله – في كتابه المفهم قوله أو مسلمًا قوله (ﷺ) أو مسلمًا.

    3- قال سعد فإني والله لأراه مؤمنًا فقال أو مسلمًا ليس معناه إنكار كون الرجل مؤمنًا بل معناه النهي عن القطع بإيمان من لم يُختبر حاله الخبرة الباطنة هكذا قال أهل العلم، لأن الباطن لا يطلع عليه إلا الله – عز وجل – فالأولى التعبير خاصة المسلم الجديد الذي دخل في الإسلام لم يتمكن الإيمان من قلبه دخل الإسلام فيُقال أنه مسلم إلى أن يتعلم أركان الإيمان ويعرف ما يناقض هذه الأركان وهذه الأصول، فالأولى التعبير بالإسلام الظاهر هذا الذي أراده رسول الله (ﷺ) لأن هؤلاء الرهط هم من المسلمين الجدد اسلموا حديثًا من المؤلفة قلوبهم أراد النبي (ﷺ) أن يؤلف قلوبهم، لذلك أعطاهم وهذا الذي لم يعطه سبقهم قليلًا في الدخول للإسلام ولم يقصد النبي (ﷺ) ينفي عنه صفة الإيمان

     

    معنى إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه

    لأنه جاء في نفس الحديث في نفس الحديث جاءت القرينه في آخر الحديث وغيرهُ أحب إليَّ قال يا سعد إني لأعطي الرجل وغيره هذا الذي تخطاه النبي (ﷺ) ولم يعطه غيره أحب إليَّ منه فهو مؤمن، لكن النبي (ﷺ) أراد أن يؤدب ويعلم الصحابة أنكم لا تتسرعوا في هذه الكلمة ليست بالهينة، لأن الدين درجات ثلاث:

    أولًا الإسلام ثم الإيمان ثم الإحسان

    درجات فأول: ما يدخل الرجل الدين أو الإسلام يُسمى مُسلمًا

    – ثم يتعلم الإيمان ويدخل الإيمان في قلبه ويعرف حق الله – عز وجل – وحق رسوله (ﷺ) ويؤمن بالقدر خيره وشره ويؤمن بالملائكة والكتب ثم بأصول الإيمان ثم بالغيبيات وهكذا هنا يكون مؤمنًا

    – فإذا ترقى في إيمانهِ وكأنه يرى الله – عز وجل – في عمله فهذه مرتبة الإحسان هنا النبي (ﷺ) يقصد بهذا أو مسلمًا فوالله إني لأراه مؤمنًا فقال أو مسلمًا فهذا هو المقصود ليس معناه نفي الإيمان عن هذا الرجل.

    قوله (ﷺ) «إنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ وغَيْرُهُ أحَبُّ إلَيَّ منه، خَشْيَةَ أنْ يُكَبَّ في النَّارِ علَى وجْهِهِ» أي أعطيَ الرجل الضعيف الإيمان العطاء لأتألف قلبه به لأجل خشية كبِّ الله إياه والقائه في النار لكفره، امَّا بإرتداده إن لم يُعطى مسلم جديد وجاء فقير ولا يعطيه النبي (ﷺ) والخير أمامه فيقول هذا قد يدخل في نفسه إتهام للنبي (ﷺ) بالبخل وهذا كفر

    أو قد يرتد لا يعطوني خلاص ارجع إلى ديني السابق هو ضعيف لا زال الآن في البداية لم يتمكن الإيمان من قلبه فأراد النبي (ﷺ) يتألف قلبه واضح؟

    ولذلك من أصناف الزكاة الثمانية المؤلفة قلوبهم لتأليف قلوبهم ولتثبيتهم على هذا الدين فيُعطَون من الزكاة، ولذلك النبي (ﷺ) هنا أعطى هذا الرهط ليتألف قلوبهم، أمَّا من قوي إيمانه فهو أحب إليه إلى رسول الله (ﷺ) قال فأكِلْهُ إلى إيمانه ولا أخشى عليه رجوعًا عن دينه ولا سوءًا في اعتقاده وهكذا الصحابه – رضي الله عنهم – عندما علمهم رسول الله (ﷺ) هذا الدين وغرس فيهم بإذن الله – عز وجل – الإيمان جاهدوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله – عز وجل – فهنا معنى الحديث إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن يكبه الله في النار لأن هذا المؤلف قلبه هو يحتاج إلى عطاء يحتاج إلى تأليف قلبه حتى يتمكن ويثبت على هذا الدين العظيم من هذا الباب النبي (ﷺ) أعطى هؤلاء الرهط وفي الحديث دلالة على جواز الحلف على الظن فسعد – رضي الله عنه -غلبة الظن أنه مؤمن قال فوالله إني لأراه مؤمنًا، يقسم سعد فيجوز الحلف على الظن يجوز الحلف، لأن النبي – عز وجل – لم يُنكر عليه.

    4- من فوائد هذا الحديث أيضًا جواز الشفاعة إلى ولاة الأمور وغيرهم ومرادة ومناقشة الشفيع إذا لم يؤدي إلى مفسدة وأن المشفوع إليه لا عتب عليه إذا رد الشفاعة إذا كانت خلاف المصلحة فهنا سعد يشفع في أول مرة يشفع لهذا الرجل يشفع له، يا رسول الله مالك عن فلان ما سبب عدولك عنه لماذا لم تعطه؟ أعطه رسول الله هكذا فيشفع له، فجواز الشفاعة إلى ولاة الأمور و غيرهم.

    5- وأيضًا جواز مرادة الشفيع إذا لم يؤدي إلى مفسدة جاء مرة ثانية أيضًا قال فوالله إني لأراه مؤمنًا ومرة ثالثة أيضًا قالوا فهذه تُسمى مُرادة إذا لم تؤدي إلى مفسدة إذا علمت أنك إذا شفعت لشخص عنده مسؤول والمراده أو تكرار الكلام لهذا المسؤول يؤدي إلى مفسدة لا تكرر يكفي مرة واحدة، لكن سعدًا علم من رسول الله (ﷺ) أنه لا يتضايق من هذه الكلمة.

    6- وفي هذا الحديث أيضًا فائدةٌ أن الإمام يصرف الأموال في مصالح المسلمين ولي الأمر يصرف الأموال مصالح المسلمين الأهم فالأهم وإن خفي وجه ذلك على بعض الرعية فلا يجوز لأحد أن يعترض على الإمام، الله – عز وجل – أعطاه هذه الصلاحية فهو المسؤول فالإمام يصرف الأموال في مصالح المسلمين، وقد تخفى بعض المصالح أو بعض الأمور على بقية الرعية واضح؟ فهنا النبي (ﷺ) يصرف هذه الأموال التي أتته من الزكاة كإمام للمسلمين كخليفة لله – عز وجل – في الأرض فيصرف الأموال في مصالح المسلمين.

     

    فوائد حديث إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه

    7- وفي هذا الحديث أيضًا تنبيه الصغير على الكبير على ما يظن أنه ذهل عنه أحيانًا الكبير أو العالم أو الإمام قد تخفى عليه بعض الأمور فالصغير أو التلميذ أو الولد قد يُنبه والده والتلميذ قد ينبه شيخه مثل ما نبه هنا سعد – رضي الله عنه – نبه رسول الله (ﷺ) يا رسول الله مالك عن فلان؟ ظن أن النبي (ﷺ) لم ينتبه له ولم يعطيه، فهنا تنبيه الصغير على الكبير على مايظن أنه ذهل عنه

    8- وفي الحديث أيضًا أن الإسرار بالنصيحة أولى من الإعلان لذلك هذا الكلام بين النبي (ﷺ) وبين سعد لم يرفع صوته يا رسول الله مالك عن فلان؟ الرهط لم يسمعوا هذا الكلام فأسر له فالإسرار بالنصيحة في المجالس العامة إذا أردت أن تنصح شخصًا بينك وبينه.

    9- أيضًا هناك فائدة أيضًا آخيرة في هذا الحديث حرصه (ﷺ) على أُمته حرصه إني لأُعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن يكبه الله في النار من رحمته (ﷺ) بهذا الرجل يعطيه خشيةً أن يدخل النار إذا لم يعطيه فيدل على حرصه (ﷺ) على أمته

    لذلك على الداعية إلى الله وطالب العلم إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر أو دعا إنسانًا إلى الخير أن يكون حريصًا على دعوة الناس فلا يترك العاصي على معصيته يحرص على نُصحه باللين والرفق لعل الله – عز وجل- أن يهديه على يده، فحرصه (ﷺ) على أمته أن يتراجع المؤمن عن إيمانه يتراجع فيضعف فيرتد فيكبهُ الله في النار بسبب إنتكاسته بسبب رجوعه إلى الكفر بسبب رجوعه إلى المعصية ورجوعه بعد الإيمان والإستقامة على الطاعة

     

    ونتكلم هنا في مسألة الإنتكاس والرجوع بعد الإيمان والإستقامة على الطاعة مسألةٌ مهمة وخطيرة و لابد من طرحها والتفصيل فيها.

    ما هي ظاهرة الإنتكاس؟ الرجوع من الإستقامة إلى الإنحراف، ما هي مظاهرها وأسبابها؟ ما هو العلاج لهذه الظاهرة؟

    ظاهرة الإنتكاس والرجوع بل أن النبي (ﷺ) أطلق عليها الحور بعد الكور الحور بعد الكور فظاهرة الرجوع والإنتكاس بعد الإلتزام والطاعة قد انتشرت بين المسلمين فكم من الناس يشتكي من قسوة قلبه بعد أن كان قلبه مطمئنًا بذكر الله – عز وجل – وطاعته كم من المستقيمين؟ يقول لا أجد لذة العبادة كما كنت أشعر بها سابقًا

    و آخر يقول لا أتأثر بقراءة القرآن وثالث يقول أقع في المعصية بسهولة وقد كان يخشى الوقوع فيها كثيرون تبدو آثار هذا المرض عليهم، فما هي هذه المظاهر؟ الوقوع في المعاصي وإرتكاب المحرمات والإصرار عليها الشعور بقسوة القلب فلا يتأثر بموعظة الموت ولا رؤية الأموات ولا القبور، عدم إتقان العبادة لا يجد لذة في أداء الصلاة وتلاوة القرآن وفي ذكر الله – عز وجل – يتكاسل عن الطاعات والعبادات بل يضيع ويضيع بعض العبادات بسهولة بعد أن كان يحرص عليها

    الغفلة عن ذكر الله فلا يحافظ على الأذكار الشرعية بعد أن كان حريصًا عليها كان محافظًا عليها، إحتقار المعروف عدم الإهتمام بالحسنات القليلة بعد أن كان يُحافظ عليها الفزع والخوف عند نزول المصيبة أو حدوث مشكلة بعد أن كان قويًا ثابت الإيمان بقضاء الله وقدره، التعلق بالدنيا والشغف بها إلى درجة الشعور بالألم إذا فاته شيء منها بعد أن كان منشغلًا بالآخرة إذا طلعوا إلى الآخرة وما فيها من النعيم، المغالاةُ بالإهتمام بالنفس في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب مغالاة وقد كان يهتم بتحسين أخلاقه وزيادة إستقامته وتمسكه بالدين وزيادة إيمانه.

     

    حديث الحور بعد الكور

    فآثار هذه الظاهرة كثيرة ذكرت لكم بعضها وقد تعوذ النبي (ﷺ) من الحور بعد الكور فعن عبدالله – رضي الله عنه – قال كان رسول الله (ﷺ) «إذا سافرَ يقولُ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن وَعثاءِ السَّفرِ وكآبةِ المنقَلَبِ ومِن الحَورِ بعد الكَورِ » أحمد ومسلم والأربعة إلا أبا داوود، قال النووي – رحمه الله – وفي رواية الترمذي « والحور بعد الكون» بالنون، قال النووي كلاهما روايتان ذكرهما خلائق من المحدثين ومن أهل اللغة وغريب الحديث، الحور بعد الكور الحور بعد الكون فالكور والكون كلاهما بمعنى واحد فما معنى الحور بعد الكور؟ قال ابن الفارس نرجع إلى قواميس اللغة يقول فارس – رحمه الله – الكور الرجوع فيقال حار إذا رجع وقال الله – عز وجل – { إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى } والعرب تقول الباطل حور أي رجع ونقص ويقال نعوذ بالله من الحور وهو النقصان بعد الزيادة.

    فعرفنا الآن الحور يعني الرجوع، الرجوع قال ابن منظور في لسان العرب وفي الحديث «أعوذ بك من الحَورِ بعدَ الكَور» معناه من النقصان بعد الزيادة من فساد أمورنا بعد صلاحها هذا معنى استعاذة النبي (ﷺ) من الحور بعد الكور، وفسّره الترمذي – رحمه الله – بعد أن روى هذا الحديث قال الترمذي في سُننه بعد هذا الحديث قال ومعنى قوله الحور بعد الكون أو الكور وكلاهما له وجه إنما هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية إذًا عرفنا الآن معنى الحور بعد الكور قد يخفى على بعض الناس لكن النبي (ﷺ) استعاذ منه فعلينا أن نقتدي به (ﷺ) وندعو الله – عز وجل – ونستعيذه به من الحور بعد الكور، فهو تغير حال الإنسان من الإيمان إلى الكفر أو من التقوى والصلاح إلى الفجور والسوء أو من الهداية إلى الضلال، فهو درجاتٌ ودركات فإذا تراجع المرء إلى الوراء يُخشى عليه من سوء الخاتمة من استقام على دين الله – عز وجل – وقوي إيمانه فعليه أن يلجأ إلى الله – عز وجل – أن يثبته ويقوي إيمانه ويأخذ بأسباب الثبات وتقوية الإيمان لا يتراجع، فإذا تراجع عن الإستقامةِ وركنَ إلى المعصية والشهوة والدنيا فيُخشى عليه من سوء الخاتمة والمعلوم أن الأعمال بالخواتيم.

    فعن سهل بن سعد – رضي الله عنه – أن النبي (ﷺ) قال «إنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ، فِيما يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ وإنَّه لَمِنْ أهْلِ النَّارِ، ويَعْمَلُ فِيما يَرَى النَّاسُ، عَمَلَ أهْلِ النَّارِ وهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، وإنَّما الأعْمالُ بخَواتِيمِها» رواه البخاري.

    وعن أبي هريرة أن رسول الله (ﷺ) قال «إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُخْتَمُ له عَمَلُهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ» رواه مسلمٌ في صحيحه و أحمد في مسنده.

    هذه الأحاديث دلت على أن الأعمال بالخواتيم لا يعلم الإنسان ما هي خاتمته لذلك نسأل الله دائمًا حسن الخاتمة دائمًا، فالعبرة ليس بما يعمله المرء في حياته بل العبرة بما يُختم له فيموت عليه، فالموضوع خطير جدًا موضوع مهم في غاية الأهمية لا يشعر أحدنا أنه وصل إلى مرحلة من الإيمان ومن العلم ووصل إلى بر الأمان بسبب إلتزامه و استقامته ويعتقد بأنه آمِن من الضلالة و آمن من الحور بعد الكور فالثابت من ثبته الله – عز وجل – وحده لا شريك له وهو تعالى ثبّت نبيه (ﷺ) فقال – عز وجل – {وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا } فالله ثبت نبيه (ﷺ) و لذلك علّمنا هو (ﷺ) أن ندعو الله دائمًا أن يثبتنا على الدين كان يقول (ﷺ) يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك وكان كثيرًا ما يقول في قسمه لا ومقلب القلوب كما في صحيح البخاري وكان من دعائه اللهم مُّصَرف القلوب صرف قلوبنا.

    فلابد للمسلم أن يلجأ إلى الله – عز وجل – أن يثبته لابد للمسلم أن يتحسس قلبه ويعرف مرضه وسبب المرض ويشرع في العلاج قبل أن يقسو قلبه وتسوء خاتمته، فما هي أسباب الحور بعد الكور؟ وما هي وسائل العلاج؟ لماذا يضعف المؤمن يضعف إيمانه؟ لماذا يتراجع المستقيم عن استقامته؟ لماذا يتراجع الطائع لربه عن طاعته؟

     

    اسباب الحور بعد الكور

    من أهم الأسباب ضعف الإيمان، قسوة القلب ،سهولة الوقوع في المعاصي، التكاسل عن الطاعات، عدم التأثر بالقرآن، قلة الخوف من الله، كثرة الجدال والمراء، عدم الشعور بالمسؤولية أمام الله – عز وجل -بسبب الابتعاد عن الرفقة الصالحة ومجالس العلم يضعف الإيمان، اشتغال بالدنيا طول الأمل تضعف الإيمان، ارتكاب المحرمات، أسباب كثيرة لضعف الإيمان فإذا ضعف الإيمان تغير حال المسلم من الصلاح والإستقامة إلى الظلال والإنحراف، إذًا لابد من علاج ضعف الإيمان.

    تقوية هذا الإيمان بالإخلاص، تدبر القرآن، الخوف من الله تعالى، التوبة من الذنوب والمعاصي، خوف من سوء الخاتمة تذكر الموت الدعاء من الله – عز وجل – بأن يقوي إيماننا ويثبتنا على طاعته هذا سبب الأول ضعف الإيمان سبب الإنتكاس والحور بعد الكور، السبب الثاني الإبتعاد عن الأجواء الإيمانية إذا صح التعبير مجالس العلم، المساجد، القرآن، الرفقة الصالحة، القدوة، قيام الليل، الأذكار، هذه كلها أجواء تعين على الثبات تُعين على الإستقامة والثبات على الإستقامة، أمَّا الإبتعاد عن هذه الأجواء عن مجالس العلم عن مسجد الجماعة عن القرآن عن تلاوة القرآن الإبتعاد عن الرفقة التي تعينك على الخير هذا يؤدي إلى التراجع والإنتكاس فإذا ابتعد عن أخوانه الصالحين فترة طويلة ضعف إيمانه وقد يكون سببًا لإنتكاسته.

    قال الحسن البصري – رحمه الله – “اخواننا أغلى عندنا من أهلينا فأهلونا يذكروننا الدنيا و إخواننا يذكروننا بالآخرة” الرفقة الصالحة تعينك وتذكرك دائمًا بالخير وبالصلاة وبالتوبة تعينك على طاعة الله – عز وجل – فلا تبتعد عن الصديق الصالح عن الرفيق الصالح فعلى المسلم أن يحافظ على إلتزامه ويجاهد نفسه على أن يتواجد في هذه الأجواء التي تُعينه على الطاعة والإستقامة.

    من أسباب الإنتكاس:

    1- ضغط البيئة والمجتمع والأسرة التي يعيش فيها المسلم فهو يختلط بمن يتباهى بمعصيةٍ ارتكبها، و آخر يترنم بالحان أغنية، وثالث يُدخن، ورابع يقرأ مجلة ماجنة، وخامس لسانه يغتاب ويسب ويستهزء بالمؤمنين فإذا حضر مجلسًا أو دعوةً أو وليمةً وجد المنكرات ووجد أحاديث التجارة والوظيفة والأموال والإستثمارات ومشكلات الدنيا وغير من الأمور التي تعمق حب الدنيا في قلب فيقسو القلب ويتراجع عن إلتزامه وصلاحه، و إذا أبتُليَ بمال أو زوجةٍ ضعيفة الإيمان أو أولادٍ ضعيفين الإيمان ولم يستطع الثبات تراجع وترك الصلاح والإستقامة.

    ضغط البيئة والأسرة والمجتمع إذا اختلط مع أقاربِ وجيرانه وزملائه في العمل وجد بعض الكلمات الجارحة والسخرية الظاهرة والمبطنة ووجد النصائح التي تصده عن استقامتهِ تراجع ونكص على عقبيه خسر الدنيا والآخرة فضغط البيئة على الإنسان أن يكون حكيمًا ويتعامل مع هذه البيئة بالمعاملة الشرعية بالمنهج الشرعي الصحيح يختلط في حدودٍ يختلط بالناس الذي يتأذى من معاشرتهم بحدود حاجته ويعتزلهم إذا لم يسلم دينهُ من الإختلاط بهم.

    2- ضعف التربية الذاتية الإنسان لابد أن يُربي نفسه يتعاهد نفسه بالرعاية والمجاهدة يجاهد نفسه على الصلوات في المسجد وعلى تلاوة القرآن وعلى النوافل بعد الفرائض، إذا تعاهد نفسه وربى نفسه لابد له من ساعات يخلو فيها مع الله – عز وجل – يحاسب نفسه يستغفر يتوب، ساعات يقضيها في تحصيل العلم الشرعي في تلاوة القرآن في حفظ القرآن تعلم العلم الشرعي مطالعته مذاكرته ساعات لزيارة أرحامه ودعوة أقاربه ونصحهم وتعليمهم هذه كلها من التربية، ساعات لذكر الله – عز وجل – حتى يُحافظ على استقامته ويثبت الله – عز وجل – إذا أخذ بهذه الأسباب، من أسباب أيضًا الحور بعد الكور والإنتكاس بعد الإستقامة الإستهانه بالذنوب و المعاصي، فالذنوب و احتقارها والإصرار عليها

    3- من أهم أسباب التراجع والإنتكاس قال النبي (ﷺ)«كلُّ بني آدم خَطَّاءٌ، وخيرُ الخَطَّائِينَ التوابون» فلابد من الخطأ لا يسلم من المعصية ومن الذنب أحد فإذا وقع المسلم في المعصية يرجع ويستغفر الله – عز وجل – ويتوب، لا يؤجل التوبة والإستغفار حتى تأتي أيضًا معصيةٌ أُخرى و أُخرى و أُخرى فيسود القلب فينحرف عن الإستقامة

    قال ابن القيم – رحمه الله – ” إن من عقوبات الذنوب إنها تُضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة أو تعوقه أو تقطعه عن السير هذا إذا لم ترده عن وجهته إلى ورائه فالذنب يحجب الواصلة ويقطع السائر ويُنكس الطالب والقلب إنما يسير إلى الله بقوته فإذا مرض ضعفت تلك القوة التي تُسيّره” انتهى كلام ابن القيم في كتابه الجواب الكافي.

    الإستهانة بالذنوب لها نتائج وخيمة على المرء هي مدعاةً لزيادة الإثم إنها مما يبعد يبعد المرء عن طريق التوبة كثرة الذنوب تهاون فيها إنها تدعو إلى عدم النفرة من أهلها فإذا تعود على المعصية عاشر أهل المعاصي ورافقهم وسافر معهم فيتهاون في صحبة أهل المعاصيٍ لالإستهانة بالمعصية أولًا فيجالس أهل المعاصي قد تدعوه الذنوب إلى الإبتعاد عن أهل الصلاح والتقوى وهذا وحده من أعظم أسباب التراجع والإنحراف كثرة الذنوب وكم نرى أمامنا من الناس من الشباب كان على استقامة كان من بيننا وكان يحضر مجالس العلم، لكنه إنحرف انتكس، لأنه استهان بالمعصية وجالس أهل المعصية، نسأل الله الثبات.

    4- الغرور والإعجاب لدى بعض المستقيمين من أسباب إنتكاستهم إذا أُصيب المستقيم والملتزم بالسُنة بمرض الغرور والإعجاب بالنفس لا شك أن مجالس العلم ومرافقة الصالحين تدل على وجود الخير في الإنسان، لكن إذا دخل الغرور و الإعجاب إلى النفس أثّر على صاحبه فيشعر بالكمال لا يرى حاجةً في الإزدياد من طرق الخير والعمل الصالح، إذا أُعجب المرء بنفسه زال من قلبه سوء الخاتمة و آمِن من الضلالة بعد الهدى وهذا من علامات ضعف النفس وسبب من أسباب التراجع والنكوس والحور بعد الكور إذا أُعجب المرء بنفسه انشغل بعيوب الآخرين، أهمل إصلاح عيوبه فلا بد من مع النفس ودفع الغرور بالتواضع والخوف من الإنتكاس والخوف من سوء الخاتمة و إصلاح العيوب والتوبة والرجوع إلى الله – عز وجل – أسبابٌ كثيرة للحور بعد الكور ضعف الجدية في الإلتزام، عدم الصبر على مشاق الإستقامة و إبتلاءات الإستقامة على دين الله، لابد أن تُبتلى إذا استقمت على دين الله إذا عملت بالسُنة لابد أن تُبتلى فعليك بالصبر والثبات، طول الأمل الغلو والتشدد هذا من أسباب التراجع و الإنتكاس، أمراض القلوب، آفات اللسان الماضي بعض الناس ماضيهم يشغلهم ويذكرهم بالمعصية لأنهم لم يبتعدوا عن الماضي لم ينسرخوا عنه استمروا على بعض آثار الماضي أيام المعصية لم يهجروا أماكن المعصية ولا من دلهم على هذه معاصي فرجعوا إلى تلك المعاصي ورجعوا من الإستقامة إلى الإنتكاس.

     

    فما هي وسائل العلاج

    الآن نريد العلاج ذكرنا الأسباب عرفنا مظاهر الإنتكاس ولعلنا ولعل أكثرنا فيه هذه المظاهر وأنا أولكم فنحتاج إلى معرفة العلاج ما هو العلاج؟ ضعف الإيمان علاجه تقوية الإيمان الإبتعاد عن الأجواء الإيمانية اللي ذكرناها لكم المسجد والقرآن والرفقة الصالحة عليه أن يرجع إلى الرفقة الصالحة، يرجع إلى القرآن، يرجع إلى الجماعة يرجع إلى مجالس العلم، ضغط البيئة علاجه الصبر، ضغط المجتمع و الأسرة علاجه الصبر واللجوء إلى الله – عز وجل – أن يثبته ويعينه على دعوته لأهله ولأسرته زيادة الإستقامه اللجوء إلى الله – عز وجل – الذنوب والمعاصي علاجها التوبة والإستغفار وعدم الإستهانة بها، أمراض القلوب من العُجب والغرور العلاج التخلص منها التخلص معرفة آثار هذا المرض الغرور و الإعجاب بالنفس وقراءة الكتب التي تكلمت وبيّنت العلاج من هذه أمراض القلوب، التوبة الصادقة من هذه الأمراض هذا علاج، صديق إذا كان من الأصدقاء الذين لا يعينون على طاعة الله الذين يذكرونك المعصية اتركهم، عليك بمرافقة الصديق الصالح الذي يعينك على طاعة الله ويدلك على مجالس العلم وعلى الخير.

    هناك وسائل أيضًا أخرى لعلاج الإنتكاس بعد الإستقامة الإخلاص الصدق مع الله- عز وجل – يلجأ إلى الله – عز وجل- بالدعاء أن يثبته ويخلص في نيته قال ابن القيم – رحمه الله – إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله أمَّا من تركها صادقًا مخلصًا من قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب؟ فإن صبر على تلك المشقة قليلًا استحالت لذةً ذكره ابن القيم في كتابه الفوائد بعض الأمور تعود الإنسان ألفها وتعود عليها سنوات طويلة مما يضعف إيمانه و إستقامته فعليه أن يتركها فسيجد مشقة في تركها يقول ابن القيم “من تركها صادقًا مُخلصًا من قلبه لله فإنه لا يجد في ترك مشقة إلا في أول وهلة يعينه الله – عز وجل – بسبب إخلاصه” فالإخلاص والصدق مع الله أهم أسباب الإستقامة، الخوف من سوء الخاتمة سبب ثاني فالمؤمن الصادق لا بد أن يخاف من سوء الخاتمة يحذر من سوء الخاتمة قال الله – عز وجل – عن يوسف – عليه السلام – {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف 101] وبكى سُفيان الثوري ليلة حتى الصباح طول الليل يبكي فلما سألوه قال “إنما أبكي خوفَ سوء الخاتمة” وهو سفيان الثوري الإمام المعروف” إنما أبكي خوف سوء الخاتمة ” فالخوف من سوء الخاتمة من أهم الأسباب للثبات على الإستقامة.

    و قال الإمام البربهاري – رحمه الله – “و أعلم أنه ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقة أبدًا الخوف من سوء الخاتمة، لأنه لا يدري على ما يموت وبما يُختم له وعلى ما يلقى الله – عز وجل – وعلى ما يلقى الله – عز وجل – وإن عمل كل عمل من الخير ينبغي للعبد أن تصحبه الشفقةُ أبدًا لأنه لا يدري على ما يموت وبما يُختم له وعلى ما يلقى الله-عز وجل – وإن عَمِل كل عملٍ من الخير” الخوف من سوء الخاتمة له نتائج كثيرة فهو يدفع المرء للتسليم لله – عز وجل -والتوجه له بالدعاء يدعو للإجتهاد في الطاعة، وزيادة الإستقامة والصلاح ويخاف من التراجع والنُكوس و الحور بعد الكور.

    من أهم الأسباب أيضًا للعلاج من الضعف ومن الإنتكاس الدعاء من الله – عز وجل – مثل ما استعاذ رسول الله (ﷺ) من الحور بعد الكور يستعيذ المؤمن من الحور بعد الكور ويكثر من هذا الدعاء والنبي (ﷺ) أيضًا أمرنا أن نجدد الإيمان في قلوبنا فقال (ﷺ) «إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم»، هذا دعاء نسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا نسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا.

    فالدعاء من أهم الأسباب للعلاج من الحور بعد الكور، المداومة على العمل الصالح الإكثار من العمل الصالح أيضًا مما يقوي على الإستقامة ويثبت المسلم على استقامته ويحفظه من الحور ومن الرجوع والإنتكاس فإذا داوم المسلم على العمل الصالح فإنه يعيش في جو الصلاح والإستقامة والخير، و إذا أصابه الضعف والفتور فإن هذه الأعمال التي يداوم عليها تكون سببًا ومدعاةً لاستفاقته ورجوعه وتدارك نفسه، ينبغي أن يراعي المسلم في مسألة الأعمال الصالحة أمور يسارع إليها لا يؤخر، الله – عز وجل – قال {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عمران: 133] الإستمرار على العمل الصالح المحافظة عليه «لا يَزالُ عَبْدي يتقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أحِبَّه» ما يزال مستمر الإجتهاد فيها من الطاعات تنويع فيها تنوع العناية بالمواعظ رقائق التي ترقق القلب وتذكّر منازل الآخرة، قال ابن مسعود – رضي الله عنه – كان النبي (ﷺ) يتخولنا بالموعظة يتخولنا الموعظة في الأيام كراهة السائمٍ علينا فلابد للمسلم أن يأخذ نصيبه من مجالس الوعظ، وزيارة القبور وتذكر الآخرة، وكتب الرقاق والمواعظ، يسمع من أهل العلم من مجالس الوعظ هذه أيضًا من الأسباب التي تقوي الإيمان وتعين على الإستقامة.

    نسأل الله – عز وجل – أن يحفظنا و إياكم لعلها فيها تذكرة لي ولكم، ونسأل الله أن يقوي إيماننا ويجدد الإيمان في قلوبنا ويحفظنا و إياكم ويُحسن خاتمتنا، ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ويوفق ولاة أمورنا و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين، هذا خلاصة شرح حديث اني لاعطي الرجل وغيره احب الي منه