شرح حديث الحلال بين والحرام بين

شرح حديث الحلال بين والحرام بين

يجعلنا أمام معاني مهمة لنا كمسلمين ومؤمنين، فالحديث من أول جملة يخبرنا بأن الحلال واضح وأيضا الحرام واضح، ولكن هناك أمور بين الحلال والحرام يكون فيها شبهة بين الحلال والحرام، وللأسف الشديد لا يعلم هذه المشتبهات كثير من الناس، وبالتالي يقع في تلك الأمور التي هي ما بين الحلال والحرام كثير من الناس، لذا بين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الحلال والحرام بين وهناك مشتبهات بينهم، حيث تم تفصيل شرح حديث الحلال بين والحرام بين الكلام عنها، وهذا ما سوف نبينه بالتفصيل في حيثيات تلك المقال.

 

الحلال بين والحرام بين

عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -وأَهْوَى النُّعْمَانُ بِإِصْبَعَيْهِ إِلَى أُذُنَيْهِ: { إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، والْحَرَامَ بَيِّنٌ، وبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَنْ وقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وهِيَ الْقَلْبُ } في هذا الحديث معاني ودلائل مهمة نبينها في السطور التالية :

 

  • يبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن الحلال واضح والحرام واضح للجميع، ولكن هناك مجموعة من الأمور تسمى المشتبهات يحدث للمسلم فيها تردد كبير فلم يعد يعرف هل هي حلال أم حرام، وذلك لدى البعض وليس جميع المسلمين، هذا التردد الذي يقع فيه الإنسان تكون علته إما نتيجة أن الأدلة غير متوفرة أو أنها تتناقض مع بعضها في نظر الشخص أو تتشابه بشكل لا يجعل الإنسان لديه معرفة بنهاية أو حتمية حكم هذا الشيء حلال أم حرام.
  • أحياناً يكون هناك إنعدام فيمن أخذوا بالأدلة، وهذا وره يدعوا الإنسان إلى التردد في معرفة الحكم النهائي، فيصبح هنا من المشتبهات التي يقع على المسلم عبء فهم المقصود النهائي من فعل معين أو مشاركة معينة في مشروع، والأدلة المتقابلة أكثر الأسباب التي تصنع حيرة بدورها تسمى الأمور التي فيها حيرة بالمشتبهات.
  • المشتبهات لا تطلق فقط على الأفعال أو الأحكام المعينة في حياة المسلم، ولكن حتى في القرآن الكريم هناك متشابه، وقد قال الله عز وجل في كتابه العزيز (( هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ))، هنا الآية تبين أن من لديهم علم قوي وكبير هم من سيعرفون المراد منه، وبالتالي لن يكون في أذهانهم أي متشابه في المعنى، أما ما دون ذلك فهو النص الصريح بمدى الحرمانية أو وضوح الحلال في الشيء.

اقرأ أيضا:

ان في الجنة غرفا

اللهم حسن خلقي كما حسنت خلقي

ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا فليتقنه

حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

 

  • قول النبي صلوات ربي وسلامه عليه { وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس }، يشير إلى أنه لا يكون شيء مطلق التشابه، ولكن كلمة التشابه جائت من تعدد الرؤى، بمعنى أنه قد يكون هناك فهم معين لدى فلان وفهم مختلف عند فلان آخر وهكذا.
  • قول الرسول : فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، معناها: أن المسلم الذي يطلب من الله عز وجل السلامة من الأمور التي فيها شك او نسبة حرمانية غير مؤكدة بالأدلة، بهدف السلامة وأن ينأى بدينه وعرضه من الوقوع فيها، فإن الله تبارك وتعالى يحميه من الوقوع في تلك المشتبهات حتى لا يقع في الحرام، أما من وقع في هذه المشتبهات فقد وقع في الحرام، وهنا يتبين أن مجرد الدخول في هذه التشابهات غير مقبول ولدى بعض العلماء قيل حرام.

 

  • جملة : من وقع في الشبهات وقع في الحرام ، الموجودة في الحديث المقصود بها أن الدخول في الشبهات هو وسيلة قوية للدخول إلى الحرام، وهذا لأن الإنسان بالدخول فيها كأنه ترك آخر حدود الحلال الواضح، وأصبح حاله في تردد ما بين الحلال والحرام، وهذا مفهوم مهم واضح من شرح حديث الحلال بين والحرام بين.

 

  • { كالراعي يرعى حول الحمى } : هنا تصوير بليغ للغاية، القصد منه تشبيه للفهم والتوضيح فالذي يحوم حوله كمن يحاول معرفة حد الحمى، بالإضافة إلى عدم وقوفه ثابتا عند حد الحمى هذا، بل إنه يدخل ويتعمق في هذا الحمى إلى أن يقع في المحرمات من كل جانب.
  • {يوشك أن يرتع فيه } : المقصود بها يقوم بالرعي فيه هو والابل خاصته، اي ان من يدخل في المتشابهات كأنه يحوم حول الحمى أي مكان الحرام، ويكاد يقع فيه هذا الحرام.
  • { ألا وإنّ لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه } : هنا تشبيه هذا اللغز بأنه كالبشر الذين يأتون مثل الحاشية الخاصة بحمى الملك، ويستحيل عليهم التجرؤ على الملك ولكن من يجترأ على الملك فسوف تتم معاقبته، وبالتالي الملك له حمى، وهنا المقصود في الحديث أن لله تبارك وتعالى حمى وأن هذا الحمى هو محارمه، والسبب في دخول أو بالأحرى الوقوع في تلك المحرمات هي المشتبهات لمن يحوم حولها للدخول فيها، لذلك ينبغي على المسلم أن يأخذ كامل احتياطاته حتى لا يقع في تلك المتشابه ويقع في المحارم.

 

  • { ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله } :إن المضغة معناها قطعة اللحم الموجودة في الجزء الأيسر وهي القلب، فإذا صلحت نية الشخص فيها صلح الجسد كله، وبالمثل إذا فسدت فسد الجسد كله أيضا، ويأتي الإصلاح والافساد من هذا العضو لأنه يعد أفضل الاعضاء وذلك لأن الخواطر تأتيه وتتردد عليه كثيرا، والسبب في تسمية القلب بهذا الاسم هو لتقلبه، فعليك أيها المؤمن أن تحذر كل الحذر على قلبك حتى لا يتحول وينجرف نحو المحرمات، ومما يعين على ذلك البعد عن مواضع الفتن والشبهات والمتشابهات، ومما يعين أيضا على صلاح القلب كثرة الدعاء وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم

الأمور المشتبهات في حديث الحلال بين والحرام بين

هي التي يكون الاشتباه فيها :

  • إما في الحكم : مثل الأمور التي فيها أقوال وأحكام بين جائز ومباح وغير جائز.
  • الاشتباه في الأحوال : وذلك مثل أن يجد شخص شيء في منزله، هل يصبح ملكه أم يتوجب عليه السؤال عنه.
  • الاشتباه النسبي : وهو الذي لا يكون مطلق، بل هناك من يراه شيء وهناك من يرونه شيء أخر.

 

في نهاية شرح حديث الحلال بين والحرام بين نوضح أنه على كل مسلم أن يبتعد عن الحرام الواضح، ويأخذ بالحلال الواضح، وأيضا يسعى كل السعي بالابتعاد عن المشتبهات التي يختلف فيه من شخص لأخر بسبب اختلاف أو تقارب الأدلة، وفي النهاية نسأل الله أن يصلح لنا قلوبنا وأن يجنبنا الوقوع في المحرمات التي تفسد على المسلم دينه وتصرف قلبه عن الطاعات.

 

اقرأ أيضا:

ان في الجنة غرفا

اللهم حسن خلقي كما حسنت خلقي

ان الله يحب اذا عمل احدكم عملا فليتقنه

حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه

Scroll to Top