شرح حديث إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة

الصلاة على النبي ﷺ |الحديث (22)

 

  • الحديث النبوي:

عن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النبي ﷺ: “إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً”.

اخلِص تَنَل، فبداية الهداية من قلبك، في رحلة عن نبي الله الأكرم، نتشرّب معاني الصلاة والدعاء، ونجود بالحب لحبيبنا محمد ﷺ

 

البطاقة التعريفية || الراوي

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقيه الأمة، ومن عظماء الصحابة، وأحد السابقين للإسلام، شهد غزوة بدر والمشاهد كلها، صلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وشهد اليرموك بعد وفاة النبي ﷺ، قال عنه النبي ﷺ: “إنك غلام معلَّم”، وسبب إسلامه أنه كان له شاة حائلًا فحلبها النبي ﷺ فدرَّت، شهد له النبي ﷺ بالجنة، له موقف مشهور في السيرة، فقد أمره النبي ﷺ بالصعود إلى شجرة يأتي منها بشيء للنبي ﷺ فنظر الصحابة إلى ساق عبد الله وضحكوا من نحافتها ودقتها، فقال لهم النبي ﷺ: “ما تضحكون؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد”، مات ابن مسعود في المدينة سنة 32 هجرية ودفن بالبقيع.

 

في ظلال حديث إن أولى الناس بي

أول شفيع، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة، وآخر الأنبياء والمرسلين.. النبي ﷺ له مكانة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى، فقد قرن اسمه باسمِه في الشهادتين، وصلى عليه الله عز وجل وملائكته، وأَمرنا نحن أيضًا بالصلاة عليه “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”، وترتب على ذلك أجورًا عظيمة.

ذكر ابن كثير في تفسيره:

“وَالْمَقْصُودُ من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ عِنْدَهُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ تَعَالَى أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ: الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا”.

يبشرنا نبينا الأكرم بأن أولى الناس وأقربهم منه وأحقهم بشفاعته ﷺ هم أكثرهم صلاة عليه في الدنيا، وقد يكون حد الإكثار من الذكر بأن يكون أكثر من أي ذكر، ويُجازي على ذلك بعظيم الجزاء في الآخرة، فكثرة الصلاة على النبي ﷺ تدل على صدق محبته واتباع أوامره، ومنازلهم في الآخرة بحسب تفاوتهم في الذكر والإكثار منه.

في ظاهر الآية أمر من الله سبحانه وتعالى بالصلاة على النبي ﷺ، فدل على أن الصلاة واجبة، لكن العلماء اختلفوا في هذا الأمر:

بعضهم قال إن الوجوب هو خاص بالتشهد في الصلاة “اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد..”، وبعضهم زاد أنه إذا ذُكر اسم النبي ﷺ وجبت الصلاة عليه لحديث “البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليّ”، ولقوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا”، لكن الأمر إن كان مطلقًا فيتحقق مرة واحدة في الأصل ما لم يرد دليل على خلاف ذلك.

والبعض الآخر قال إن الصلاة على النبي ﷺ أمر مستحب لا سيما في يوم الجمعة.

والأصل أنها من أعظم القربات، والصلاة على النبي ﷺ من جملة الذكر فتأخذ حكم الذكر المطلق كالاستغفار والحوقلة والتسبيح، وعلى المؤمن الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، وأن يلتزم بها في كل وقت وحين كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم.

أحاديث يرجى الاطلاع عليها:

حديث رفقا بالقوارير

أنا فرطكم على الحوض

 

فضل الصلاة على النبي ﷺ

  • ينال العبد شرف صلاة الله عليه ومحو الخطايا ورفعة في الدرجات، للحديث “من صلى عليَّ صلاةً واحدةً، صلَّى الله عليه عشرَ صلواتٍ، وحُطَّت عنه عشرُ خطيئاتٍ، ورُفعَت له عشرُ درجاتٍ”، فهي نبع للحسنات، وتكفير للسيئات، وبها يحوز العبد أعلى الدرجات مع الصديقين والأولياء، ولقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا” وهذه من رحمة الله أنه جعل من صلاته على عباده ما يخرجهم من ظلمات الجهل والعصيان إلى نور الإيمان والطاعات، وهذا لطف من الله ونعمة تستوجب شكر الله عليها.
  • صلاة العبد تبلغ النبي ﷺ، للحديث “ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ الله عليَّ رُوحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ”، النبي ﷺ مات والمؤمن يريد صلة بينه وبين النبي ﷺ، فجعل الله لنا هذه الوسيلة تكون صلة بين العبد ورسوله، فيبلغه أن فلانًا صلى عليك فيرد النبي ﷺ السلام عليه.
  • الصلاة على النبي ﷺ من علامات الجود: للحديث “البخيل من ذُكرت عنده فلم يصلِّ عليّ”.
  • الصلاة على النبي ﷺ من علامات الإيمان: “لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ”، والمحبة تكون بطاعة الله وطاعة النبي ﷺ، والصلاة على النبي من جملة الطاعات التي تُثمر هذا الحب.
  • أنها سبب في إجابة الدعاء، للحديث “إذا صلَّى أحدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَحْميدِ اللهِ والثَّناءِ عليهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِما شاءَ”.
  • أنها سبب في تفريج الهموم والكروب، للحديث: “قلت: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذًا تُكْفَى همَّكَ، ويغفر لكَ ذنبُك”، الصلاة على النبي ﷺ شفاء ودواء، وفي الحديث جمعٌ بين خيري الدنيا والآخرة، فمن كفاه الله همّه حفظه الله من محن الدنيا، ومن غفر الله ذنوبه حفظه الله من محن الآخرة.

هذه كنوز الصلاة على الحبيب ﷺ، فيا لها من تجارة رابحة!

اقرأ أيضا: حديث يخرج من ثقيف

 

كيف نصلي على النبي ﷺ | صيغ الصلاة

صيغ الصلاة كثيرة، أفضلها وأكملها:- “اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد، كما بارَكْت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد”.

  • “اللهُمَّ ‌صَلِّ ‌عَلَى ‌مُحَمَّدٍ ‌وَعَلَى ‌أَهْلِ ‌بَيْتِهِ، ‌وَعَلَى ‌أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”
  • “اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد”.
  • “اللهم صلِّ على محمد”
  • “صلى الله عليه وسلم”.

وصيغ أخرى كثيرة، والأفضل التنويع بين هذه الصيغ لئلا يلزم المؤمن صيغة واحدة ويهجر الأخرى، ويرى العلماء أن أي لفظ للصلاة يجزئ، أما إذا كان داخل الصلاة فلا بد من الاقتصار على الصيغ المأثورة والواردة اتباعًا للسنة.

  • هناك خطأ شائع بين الناس وهو كتابة اختصار للفظ الصلاة على النبي ﷺ مثل (ص) أو (صلعم)، وهذا لا يجوز لأنه يعتبر سوء أدب مع النبي ﷺ.

أحاديث ننصح بقراءتها:

شرح حديث لا تسبوا الاموات

شرح حديث العين حق

 

مواطن الصلاة على النبي ﷺ

  • في يوم الجمعة.
  • عند سماع ذكر الرسول ﷺ.
  • فوق الصفا.
  • عند زيارة قبر الرسول ﷺ.
  • عند المرور بآية فيها ذكر للنبي ﷺ.
  • بعد التكبيرة الثانية من صلاة الجنازة.

 

نوايا

من نوايا الصلاة على النبي ﷺ:

  • أن تصلي عليّ الملائكة.
  • أن تبلغ الملائكة النبي صلاتي فيرد السلام علي.
  • زكاةً النفس وطهارةً للقب.
  • زوال الهم وغفران للذنب.
  • لكي أكون أقرب الناس إلى النبي ﷺ يوم القيامة.
  • البعد عن الاتصاف بالبخل.
  • إجابة الدعاء.

 

Scroll to Top