دعاء من تعار من الليل

دعاء من تعار من الليل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ونبيه، ثم أما بعد:

فقد ورد حديث بشأن من تعارّ من الليل “أي استيقظ”، فعليه أن يذكر الدعاء الوارد عن النبي _صلى الله عليه وسلم_، والدعاء مروٍ عن البخاري وغيره، وينص على:

“من تعارَّ من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استجيب له، فإن توضأ وصلى، قُبلت صلاته”.

وقد ورد الدعاء في رواية أخرى غير رواية البخاري، وزيد عليه: “ولا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيم”، وقد صحح الألباني الحديث في صحيح ابن ماجه.

وزيد عليه أيضًا في روايات أخرى، وقد صححها الألباني في صحيح الجامع: “يُحْيِي ويميتُ، بيدِهِ الخيرُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ”.

ويشترط في قول ذلك الدعاء أن يكون المرء قد بات طاهرًا، والدليل في ذلك اللفظ المروي عن أبي داود: “ما من مسلمٍ يَبِيتُ على ذِكْرٍ، طاهرًا، فيَتعارَّ من الليلِ، فيسألُ اللهَ خيرًا من الدنيا والآخرةِ، إلا أعطاه إياه”. وقد صححه الإمام الألباني _رحمه الله_ في صحيح أبي داود.

 

شرح دعاء من تعار من الليل

ورد في شرح هذا الحديث عن أبي عبيد القاسم بن سلّام:

” قول الكسائي “تعارَّ من الليل” بمعنى أنه استيقظ من النوم، وقال أنه لا يظن ذلك حادثًا إلا برفقة صوت أو كلام، والبعض من أهل العلم ذكروا أن لفظ “تعار” مقتبسًا من عرار الظليم وهو صوته؛ وأكد أنه لا يعلم أهو مأخوذ من هذا أم لا”.

وورد عن ابن فارس: “قول الخليل رحمه الله بأن تعار الرجل مأخوذة من لفظ يتعار، وتعني استيقظ من النوم” ومعنى الاستيقاظ يشمل قيام الشخص من تلقاء نفسه أو حين سماعه صوتًا يحيط به مثل المنبهات، ونحو ذلك.

وهذا المعنى فيه إشارة إلى العموم؛ ففيه تنبيه على الاستمساك بالذكر وملازمته، حتى في وقت الغفلة وعدم الانتباه التام، مثل الاستيقاظ في تمام الليل وجوفه، فحينها يستيقظ المرء ذاكرًا لربه جل وعلا ولا يغفل عنه، وذلك الأمر يُطلب من أي مستيقظ.

وقد استدل أهل العلم على ذلك من خلال فهمهم لقول الله تعالى في سورة ق:(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ)، وفسروا أن الذكر من السنن التي يراد بها كافة المستيقظين في تمام الليل وجوفه، كما ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.

 

وقال الفقيه النووي: أن المرء في حالة استيقاظه ليلًا فهو على خيارين؛ إما أنه لا ينام بعده، أو أنه يريد النوم وفي هذه الحالة الثانية فيكون مستحبًا أن يذكر ربه حتى يغلبه النعاس فينام، ومن هذه الأذكار ما ورد في حديث عبادة بن الصامت في صحيح البخاري.

وجعله أهل العلم أحد سنن الاستيقاظ من النوم إلى قيام الليل.

وأيضًا ذُكر عن الإمام ابن قدامة: “قوله أن أفضل التهجد هو ما كان في جوف الليل الآخر، وذكر الحديث الوارد عن عبادة بن الصامت”.

 

هذا خلاصة الشرح وإذا كنت تريد شرح مفصل وموسع لكل ألفاظه فانظر هذا:

معنى تعار من الليل

اقرا ايضا كمثل الجسد الواحد

 

مراجع المعتمدة في دعاء من تعار من الليل

١. الحديث في صحيح البخاري، رواه عبادة بن الصامت، المحدث: البخاري، الدرر السنية، رقم الحديث ١١٥٤.

٢. الكسائي، أبو عبيد القاسم بن سلام، غريب الحديث، (٤/ ١٣٥).

٣. ابن فارس، الخليل، مقاييس اللغة، (٤/ ٣٦).

٤. تفسير ابن كثير، (٧/ ٤٣٩).

٥. الإمام النووي، كتاب الأذكار، باب ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم بعده، ص ٨٠.

٦. ابن قدامة، المغني، (٢/ ٥٥٥- ٥٥٨).