بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي
مُلقي الحديث: وعنه – رضي الله عنه – قال، قال رسول الله (ﷺ) «بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ وعليهم قُمُصٌ، منها ما يَبْلُغُ الثُّدِيَّ، ومنها ما دُونَ ذلكَ، وعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وعليه قَمِيصٌ يَجُرُّهُ. قالوا: فَما أوَّلْتَ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الدِّينَ»
الشارح: أحسنت، أيضًا أبو سعيد الخدري – رضي الله عنه – يروي لنا هذا الحديث يقول قال رسول الله (ﷺ) «بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ» فهنا رأيته ليست الرؤية البصرية بقرينة الحديث نائمٌ إذا هي رؤية منامية منه (ﷺ) «بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ» فرأيت الناس هنا رؤيا منامية ليست هي الرؤيا بالعين أو بالبصر «بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ» والمعلوم أن رؤيا الأنبياء حق، لأن الشيطان لا يمكن أن يُخيلَ للأنبياء والرسل في مناماتهم أو يتلاعب الشيطان بهم كغيرهم، فرؤيا الأنبياء حق فهي رؤيا رأها رسول الله (ﷺ) في المنام من أمور الغيب والرؤيا حق «رَأَيْتُ النَّاسَ يُعْرَضُونَ عَلَيَّ» يظهرون لي الناس يظهرون عليه يمرون عليه وهو في نومه (ﷺ)«وعليهم قُمُصٌ» جمع قميص هو الثوب الذي تدخل فيه اليدان هذا قميص «وعليهم قُمُصٌ، منها ما يَبْلُغُ الثُّدِيَّ» يعني ثوب يصل إلى هنا وثوب إلى أقل وثوب إلى الوسط « قَمُصٌ، منها ما يَبْلُغُ الثُّدِيَّ» والثدي جمع ثدي ويقال للمرأة والرجل ومنها ما دون ذلك، ما دون ذلك أقل من ثدي وهكذا إلى الوسط إلى القدم ومنها ما دون ذلك «وعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وعليه قَمِيصٌ يَجُرُّهُ» قالوا يجره لطوله لطول هذا القميص الذي يلبسه عمر – رضي الله عنه – في هذه الرؤيا «قالوا: فَما أوَّلْتَ ذلكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الدِّينَ» ما عبّرت هذه الرؤيا يا رسول الله ما هو تعبيرك لهذه الرؤية؟ قال الدين قال الدين أولته الدين، وهذا يدل على فضل عُمر – رضي الله عنه – دينه يسحبه من طولهِ من عظمهِ من قوتهِ من قوة دينهِ من قوة إيمانهِ وهذا يدل على فضل عُمر – رضي الله عنه – ولا شك أن عُمر بن الخطاب – رضي الله عنه – هو أفضل الصحابة إيمانًا بعد أبي بكر الصديق – رضي الله عنهما – لأن أبا بكر الصديق دلت الأدلة المتواترة من الكتاب والسُنة على أنه أفضل الصحابة بل أفضل هذه الأمة بعد رسول الله (ﷺ) وهذا أي الحديث يدل على فضل الفاروق عُمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهذا الحديث فيه تشبيهٌ بليغ وهو تشبيه الدين بالقميص فالنبي (ﷺ) فسّر القميص هنا الذي يجره بدينه بإيمانهِ بإيمان عُمر تشبيه الدين بالقميص، لأنه القميص هذا ثوب يستر عورة الإنسان، كذلك الدين يستر الإنسان من النار هذا هو التشبيه البليغ من فصاحتهِ (ﷺ) فتشبيه الدين بالقميص، لأن القميص يستر عورة الإنسان كذلك الدين يستر الإنسان من النار إذا تمسك به إذا أمن به.
بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي
وأيضًا هذا الحديث فيه ردٌ على المُرجئة بل مُرجئة الفقهاء فيه رد عليهم هم قالوا أن الإيمان واحد و أهل الإيمان في أصلهِ سواء هكذا قالوا يعني ما يحصل به الإيمان و أول الأمر جعلوا أهله في أصله سواء وجعلوا المؤمنين يتساوون في أصل الإيمان فجعلوا إيمان الناس كإيمان النبي (ﷺ) درجة واحدة وإيمان أبي بكر كإيمان النبي محمد (ﷺ) بل كإيمان الرُسل بل جعله كإيمان الملائكة جميعًا هذا قول مُحدث لم يكن عليه صحابة النبي (ﷺ) ذهب بهِ ذهب إليهِ بعض الفقهاء شابه المرجئة في هذا الجانب فسُموا مُرجئةُ الفقهاء هذا الحديث فيه رد عليهم الذي دل عليه هذا الحديث والأدلة الأُخرى، أيضًا من الكتاب والسُنة أن أهل الإيمان متفاضلون فيما بينهم يعني هذا إيمانه ضعيف هذا إيمانه قوي هذا إيمانه أقوى هذا إيمانه أكمل درجات، والله – عز وجل – فضّل بعض الرسل على بعض نتيجة لتفاضلهم في الإيمان.
دلت أدِلةٌ كثيرة والحديث الذي معنا جعل إيمان الفاروق زائدًا عن إيمان غيره، لأن هذا قميص إلى الثدي قميص إلى ما دون ذلك قميص عُمر يجره، إذًا إيمانه أفضل من إيمان غيره فالمؤمنون متفاضلون في الإيمان ليس كما يقول مُرجئةُ الفقهاء، وقد تواتر الأدلة على أفضلية أبي بكر الصديق على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه -قالوا في آخر الحديث «قالوا: فَما أوَّلْتَ ذلكَ » وهكذا كان من عادته (ﷺ) أن يسأل الصحابة بعد صلاة الفجر من رأى منكم من رأى منكم الليلة رؤيا فيُفَسّرها يعبّرها (ﷺ) بما أتاه الله – عز وجل – من العلم، الحديث الذي بعده.
مقالات مفيدة مهمة:
شرح حديث إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا
شرح حديث يوشك ان يكون خير مال الرجل
شرح حديث والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه