بايعوني على ان لا تشركوا

بايعوني على ان لا تشركوا

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام الزبيدي – رحمه الله تعالى – في مختصره على صحيح البخاري – رحمه الله تعالى – في كتاب الإيمان وعنه – رضي الله عنه –

مُلقي الحديث : « أنَّ عُبادةَ بنَ الصامتِ – وكانَ شَهِدَ بدرًا، وهو أحدُ النقباءِ ليلةَ العقبَةِ -، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال – وحولَهُ عِصَابَةٌ من أصْحَابِهِ -: بايعُونِي علَى أن لا تُشْرِكُوا باللهِ شيئًا، ولا تَسْرِقُوا، ولا تَزْنُوا، ولا تقتُلُوا أولادَكُم، ولا تأتوا ببهتانٍ تفتَرُونَهُ بينَ أيدِيكُم وأرجلِكُم، ولا تعْصُوا فِي معروفٍ، فمَنْ وَفَّى منكُم فأَجْرُهُ على اللهِ، ومَنْ أَصَابَ مِن ذلِكَ شيئًا فعُوقِبَ بهِ في الدُّنْيَا فهو كَفَّارَةٌ، ومن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا ثم ستَرَهُ اللهُ فهو إلى اللهِ، إن شاءَ عفا عنهُ، وإن شاءَ عاقَبَهُ، فبايعنَاهُ على ذلكَ»

الشارح: أحسنت، عُبادةُ بن الصامت – رضي الله عنه – عبادة بن قيس الأنصاري شَهِد بدرًا وبيعة العقبة وكان أحد النقباء – رضي الله عنه – يقول أن رسول الله (ﷺ) قال:

وحولَهُ عِصَابَةٌ من أصْحَابِهِ

العصابة يعني الجماعة من عشرة إلى أربعين عند العرب يتُسمى عصابة من عشرة أشخاص إلى أربعين هذه تُسمى عصابة

وكذلك أيضّا يطلقون على العمامة يطلقون عليها عصابة العرب حوله عصابة من أصحابه جماعةٌ من صحابتهِ من عشرة إلى أربعينَ صحابيًا قال (ﷺ)

بايعُونِي علَى أن لا تُشْرِكُوا باللهِ شيئًا

بايعوني عاهدوني، عاهدوني بينَني وبينكم عقد على أن لا تشركوا بالله شيئًا، عاهدوني على التوحيد على توحيد الله – عز وجل – وعدم الإشراك به شيئًا أمرٌ عام، لفظ عام لأنه نكرة في سياق النهي، نكرةٌ في سياق النهي كالنفي شيئًا فيعم كل الأشياء، كل أنواع الشرك محرمةٌ

« بايعُونِي علَى أن لا تُشْرِكُوا باللهِ شيئًا، ولا تَسْرِقُوا، ولا تَزْنُوا، ولا تقتُلُوا أولادَكُم »، خصَّ الأولاد لأنه قتلٌ وقطيعةُ رحم ولأنه كان شائعًا في ذاك الوقت من أمور الجاهلية التي كانت شائعة في ذاك الوقت قتل الأولاد ووأد البنات وقتل الأولاد خشية الإملاق الفقر، فكان شائعًا، فهنا خصَّ النبي (ﷺ) من بنود هذه البيعة وهذا العقد والعهد بينه وبين صحابته قال ولا تقتلوا أولادكم

ولا تأتوا ببهتانٍ تفتَرُونَهُ بينَ أيدِيكُم وأرجلِكُم

ولا تأتوا ببهتان كذب تفترونه تختلقونه وتؤلفونه من قبلِ أنفُسِكُم بين أيديكم و أرجلكم يعني من قبل أنفُسِكُم ولا تأتوا بكذبٍ تخترقونه من قبل أنفُسِكُم

«ولا تعْصُوا فِي معروفٍ» لا تخالفوا الأمر، أمر الله – عز وجل –  وأمر رسوله (ﷺ)، «ولا تعْصُوا فِي معروفٍ» هنا قيدٌ قال معروف، وهذا القيد فائدته التنبيه على أنه لا طاعةِ لمخلوق في معصية الخالق، لأن الطاعة تكون بالمعروف قال:

فمَنْ وَفَّى منكُم فأَجْرُهُ على اللهِ

فمن ثبت على هذه البيعة وعلى هذا العقد والعهد منكم فأَجْرُهُ على الله، أَجْرُهُ على الله فضلًا ووعدًا بالجنة فضلًا ووعدًا بالجنة « ومَنْ أَصَابَ مِن ذلِكَ شيئًا» من تلك المعاصي السابقة ما عدا الشرك هنا ومن أصاب من ذلك شيئًا « فعُوقِبَ بهِ في الدُّنْيَا فهو كَفَّارَةٌ» كل المعاصي السابقة غير الشرك والردة هذه يخرج المسلم منها من الإسلام إذا ارتكبها، « ومن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا» من تلك المعاصي السرقة والزنا والقتل وغيرها مِمَّا أوجب الشرع فيه حدًا ومن أصاب من ذلك شيئًا فعُوقِبَ في الدنيا فهو كفارة له، من أصاب من ذلك شيئًا فعوقب في الدنيا أقيم عليه الحد في الدنيا فهو كفارةٌ له لا يحاسب يوم القيامة إقامةُ الحد عليه

ومن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا ثم ستَرَهُ اللهُ فهو إلى اللهِ

لم يُعاقب في الدنيا ستره الله فهو إلى الله مات على هذه الكبيرة وهذه المعصية ولم يتب منها فهو إلى الله «إن شاءَ عفا عنهُ، وإن شاءَ عاقَبَهُ » قال « فبايعنَاهُ على ذلكَ».

قوله (ﷺ) : « ومَنْ أَصَابَ مِن ذلِكَ شيئًا فعُوقِبَ بهِ في الدُّنْيَا فهو كَفَّارَةٌ »، يُستفاد من هذا اللفظ أن إقامة الحد كفارةٌ للذنب ولو لم يتب المحدود وهو قول جمهور أهل السُنة يُستفاد منه أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود

كذلك أيضًا هذا الحديث يدل عليه أو هذه المسألة أيضًا يدل عليها قوله (ﷺ) ( من أصاب ذنبًا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته هذا) حديثٌ رواه أحمد وغيره وهو في صحيح الجامع الصحيح، من أصاب ذنبًا فأُقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارتهُ

اقرأ أيضا:

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

الحياء شعبة من شعب الإيمان

شرح حديث ما نقص مال من صدقة

شرح حديث لله أشد فرحا بتوبة عبده

 

قوله (ﷺ) « ومن أصابَ مِن ذلكَ شيئًا ثم ستَرَهُ اللهُ فهو إلى اللهِ، إن شاءَ عفا عنهُ ، وإن شاءَ عاقَبَهُ»، فيه بيان لعقيدة أهل السُنة والجماعة أهل الحديث وهي أن أهل الكبائر إذا ماتوا قبل التوبة فإن أمرهم إلى الله إن شاء عفى عنهم بفضله وكرمه وإن شاء عذبهم بعدله، لأن قوله (ﷺ) « فهو إلى اللهِ، إن شاءَ عفا عنهُ، وإن شاءَ عاقَبَهُ» دليل نص صريح في المسألة في أن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب منها فهو تحت مشيئة الله – عز وجل – إن شاء عفا عنه بفضله وكرمه و إن شاء عاقبه بعدله – سبحانه وتعالى -، وهذا فيه ردٌ على فرقة الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، لأن النبي (ﷺ) أخبر بأنه تحت المشيئة، تحت مشيئة الله – عز وجل – إن شاءَ عذبه وإن شاء غفر له.

وذهب جمهور أهل السُنة إلى إن من تاب لا تبقى عليه مؤاخذة، التوبة تجُب ما قبلها فمن تاب من هذه الكبائر وهذه الذنوب توبة نصوحًا فلا تبقى عليه مؤاخذةٌ، تاب الله عليه، ومع ذلك فلا يأمن المؤمن مكر الله – عز وجل – لأنه لا يعلم هل قُبلت توبته أم لا؟ فيبقى خائفًا من ذنبه وراجيًا رحمة الله – عز وجل –

 

بايعوني على ان لا تشركوا

قوله (ﷺ) «بايعُونِي » في أول الحديث أول كلمة قال بايعوني وفي آخر الحديث « فبايعنَاهُ على ذلك » دليلٌ على ان البيعةَ سُنةٌ في الدين سُنة في الدين لا أقول سُنةٌ مستحبة من النوافل، ولكنها سُنةٌ من سُنن الدين من فرائض الإسلام البيعة و استفاض عن رسول الله (ﷺ) أن الناس كانوا يبايع تارةً على الهجرةِ والجهاد، وتارةً على إقامة أركان الإسلام، وتارةً على هجر الفواحش والمنكرات، وتارةً على التمسك بالسُنة وغيرها من البيعات وهو (ﷺ) خليفة الله في أرضه فما فعله على جهة الخلافة كان سُنةً للخلفاء من بعده، فبيعةُ الخلفاء واجبةٌ على الرعية خوفًا من افتراق الكلمة وتهييج الفتن في بلاد المسلمين، فلو رأيت ونظرت يمينًا وشمالًا ومن أمامك ترى الفتن في بلاد المسلمين بسبب خروجِهِم عن منهج الله – عز وجل – وإخلالهم في مثل هذه المسائل مسألة البيعة.

البيعة في اصطلاح أهل العلم : هي العهد على السمعِ والطاعةِ في المعروف بايعوني يعني عاهدوني على السمع والطاعة في المعروف، فالبيعةُ اصطلاحًا هي العهد على السمعِ والطاعةِ في المعروف، الطاعة في المعروف، كما قال (ﷺ) « الطَّاعَةُ في المَعروفِ » وليس في المعصية، لأنه قال (ﷺ) « لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ » فالبيعةُ هي العهدُ على السمعِ والطاعةِ في المعروف ولا تكون البيعة إلا لخليفة المسلمين وولي أمر المسلمين الذي اختاره أهل الحل والعقد أو تولى بالولايات الشرعية كولاية العهدِ وغيرها مما ذكره أهل العلم ودلت عليه الأدلة.

 

 

فالبيعةُ لا تكونُ إلا لخليفة المسلمين، إلا لولي أمر المسلمين وهي واجبة على كل مسلمٍ تحت راية إمام المسلمين ودلت على وجوبها أدلةٌ منها قول الله – عز وجل – {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ } [الفتح : 10] إلى آخر الآية، فهي دلت على وجوب البيعة لولي الأمر و أيضًا قوله (ﷺ) « ومَن ماتَ وليس عُنُقِه بيعةٌ فقد خلَعَ رِبقةَ الإسلامِ مِن عُنُقِه» رواه مسلم عن ابن عمر و الأدلة كثيرة على وجوبها، ولذلك أجمع أئِمة الإسلام من كل مذهب على أن من تغلب على بلدٍ له حكم الإمامِ في جميع الأشياء ولولا هذا ما استقامت الدنيا، لأن الناس منذ زمن الإمام أحمد – رحمه الله – إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحدٍ عامٍ.

قال الشوكاني – رحمه الله – بعد انتشار الإسلام وتباعد أطرافه، فمعلومٌ أنه قد صار في كل قطر أو أقطار الولاية إلى إمامٍ أو سلطان وفي القطر الآخر كذلك فلا بأس بتعدد الأئِمة وتجب الطاعة لكل واحدٌ منهم بعد البيعة له على أهل القطر الذي ينعقدُ فيه أوامره ونواهيه فأعرف هذا فإنه المناسب للقواعد الشرعية والمطابق لِما تدل عليه الأدلة ودع عنك ما يقال في مخالفته ومن أنكر هذا فهو مُباهت كلام الشوكاني – رحمه الله – في السيل الجرار في كتابهِ السيل الجرار المجلد الرابع خمسمائة و اثنا عشر، يقول الإمام الصنعاني – رحمه الله – في شرحه في سبل السلام شرح بلوغ المرام في شرحه لحديث « مَن خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، ومات فميتتُه ميتة جاهلية » رواه مسلمٌ في صحيحه ألف وثمانمائة وأربعين، قال (ﷺ) « مَن خرج عن الطاعة، وفارق الجماعة، ومات فميتتُه ميتة جاهلية » قال الصنعاني – رحمه الله – في شرحه لهذا الحديث قال المراد خليفةُ أي قطر من الأقطار، إذ لم يجمع الناس على خليفة في جميع بلاد الإسلام من أثناء الدولة العباسية بل استقل أهل كل إقليمٍ بقائم أمورهم إذ لو حُمل الحديثُ على خليفة اجتمع عليه أهل الإسلام لقلت فائدته قال وقوله «  وفارق الجماعة » أي خرج عن الجماعة الذين اتفقوا على طاعة أمام انتظم به شأنهم و اجتمعت به كلمتهم وحاطهم عن عدوهم.

هذان الإمامان الشوكاني – رحمه الله – الصنعاني وغيرهم ذكروا مسألة مهمة قد يُثيرها أهل الشغب و أهل الجماعات و الأحزاب من أنه لابد هم يثيرون هذه الشبهة، لأنه لا يُبايع إلا الخليفةُ العام لجميع المسلمين فيردان هذان الإمامان على مثل هذا الفكر أو هذا الفهم ويبينان بأن كل قطرٍ عليه إمامٌ يجب على من كان في هذا القطر البيعة لهذا الإمام والسمع والطاعة لهذا الإمام، فالبيعة في ديننا لا تكون إلا للإمام فقط لإمام المسلمين لولي الأمر في كل بلدٍ من بلاد المسلمين، والإمارة لا تكون إلا للإمام، لإمام المسلمين إلا فقط في إمارة السفر فهي مُخصصة بالدليل قوله (ﷺ) « إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفَرٍ فليؤمِّروا أحدَهُم » هذه إمارةُ السفر قاصرة محددة يطاع فيها أمير السفر فيما يخص مصلحة السفر فحسب وتنتهي بانتهاء السفر هذه إذا جاء فيها الدليل، أمَّا الإمارةُ الأُخرى فلم يأتي دليل إلا للإمام فقط لا تكون لغير الإمام، فالبيعةُ في ديننا لا تكون إلا لولي أمر المسلمين، فالجماعات الإسلامية والطرق المبتدعةُ التي تكون في بلاد المسلمين وتجعلُ لنفسها أميرًا تُبايعه هذه جماعاتٌ باطلة وفعلها مُخالف للشريعة، كذلك الطُرق المُبتدعة التي تُبايع شيخ الطريقةِ على كذا كذا هذه أيضًا مبتدعة.

يقول الإمام القرطبي – رحمه الله – ومن تأبى عن البيعة ما دام أن البيعة واجبة لكل من كان تحت إمارة هذا الأمير فتجب البيعة لهذا الأمير لكنه تأبى رفض البيعة يقول القرطبي – رحمه الله –  ” من تأبى عن البيعة بغير عذر جُبر وقهر لِئلا تفترق كلمة المسلمين” أجبره الإمام وولي الأمر علي البيعة  ذكره في تفسيره القرطبي – رحمه الله – المجلد الثالث، هذه البيعة الواجبة لها حقوق، فما هي حقوق البيعة؟ ما هو الحق الواجب على كل من بايع إمامًا من أئِمة المسلمين ما هو الواجب عليه؟ ما الذي تُوجبه هذه البيعة عليه؟

  • الإخلاص والدعاء والتوقير و الاحترام والسمع والطاعةُ والتقيد بالنظم والقوانين بالمعروف والنصحُ و الإرشاد والنصرة والتعاون على البر والتقوى والصبر على الجور كم ذكرنا؟ أكثر من عشر ذكرها أهل العلم الإخلاصُ أن تنوي في بيعتك لإمامك الإخلاص لله عز وجل لتنال ثواب هذه البيعة وتكون عابدًا لله عز وجل في هذه البيعة التي اوجبها الإسلام عليك فهي من الواجبات الشرعية فأخلص النية لله عز وجل في هذه البيعة لتنال الثواب والأجر عليها.

الدعاء لولي أمر المسلمين لولي الأمر بالسداد والتوفيق والإعانة على طاعة الله عز وجل وهكذا.

التوقير له و الاحترام والسمع والطاعة بالمعروف والتقيد بالنظم والقوانين التي تُسمَّى هي الأعراف بالمعروف والنصح إذا وجدت شيئًا انصحه قابل ولي الأمر أو من ينوب عنه وانصح فيما بينك وبينه ليس علانيةً وجهارًا.

الإرشاد والنصرةُ والتعاون على البر والتقوى والصبر على الجور، هذه من حقوق البيعة، ليس من البيعة الطعن والتشهير والإفتيات على الحاكم والدعاء عليه هذا ليس من البيعة هذا من نواقض البيعة.

 

من مخالفات البيعة الطعن والغيبة والشتم والتشهير والإفتيات على الحاكم  أي التدخل في شؤونه شؤون ولاية الأمر التي وكّلت إليه شرعًا لا يجوز التدخل فيها و الدعاء عليه ليس من سُنة السلف الصالح ليس من عقيدة أهل السُنة والجماعة الدعاة على ولاة الأمور بل من علامة أهل السُنة والجماعة الدعاء لولي الأمر ومن علامة أهل البدع الدعاء عليه وارجعوا إلى كتب الاعتقاد.

 

 

ليس من البيعة الخروج على ولي الأمر للثورات والانقلابات والمظاهرات والاعتصامات و الاضطرابات هذا كله ينقض البيعة هو من مخالفات البيعة لولي الأمر، قال البربهاري – رحمه الله – في كتابه قال ” وإذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سُنة إن شاء الله “، وقال ابن فرحون – رحمه الله – ” ومن تكلم بكلمةٍ لغير موجبٍ في أمير من الأمراء، لزِمته العقوبة الشديدة، ويُسجن شهرًا، ومن خالف الأمير وقد كرر دعوته لزمته العقوبة الشديدةُ بقدر اجتهاد الإمام ” لأنه نقض هذه البيعة وخالف ولم يأتي بحقوق هذه البيعة فيُعاقب عليها ويقهر على هذه البيعة هذا كلام أئِمة الإسلام.

الإفتيات على الحاكم مخالف للبيعة؛  هو عمل شيءٍ من خصائص الحاكم دون أمره أو إذْنِهِ الإفتيات على الحاكم هو عمل شيءٍ من خصائصه دون أمره و إذْنه، فالأمور العامة للمسلمين الحاكم وولي الأمر أو من ينوب عنه لا يجوز منازعتهُ في شيءٍ منها قال ابن خلدون في مقدمته ” أعلم أن الخُطط الدينية الشرعية من الصلاة ” صلاة الجماعة صلاة الجمعة صلاة العيدين قال : ” أعلم أن الخُطط الدينية الشرعية من الصلاة والفتية والقضاء والجهاد والحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كلها مندرجةٌ تحت الإمامةَ الكبرى من صلاحيات ولي الأمر إمام المسلمين من اختصاصاته لِئلا يفتات الرعايا عليه في شيء من النظر في المصالح العامة ” هذا كلام ابن خلدون في مقدمته أُعيد قال : ” أعلم أن الخطط الدينية الشرعية والفتية والقضاء والجهاد والحُسبة كلها مندرجةٌ تحت الإمامة الكبرى لئلا يفتات الرعايا عليه في شيء من النظر في المصالح العامة “.

ومن صور الإفتيات الدعوة إلى الجهاد دون إذْنِ ولي الأمر، قال ابن قدامة – رحمه الله – في كتابه المُغني المجلد الثالث عشر قال : ” فأمر الجهادِ موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعتهُ فيما يراه من ذلك “، ومن صور الإفتيات التصدي للتدريس في المساجد وفُتيَ الناس دون إذْن المسؤولين، قال الموردي – رحمه الله – في كتابه الأحكام السلطانية قال : ”  فإن كان للسلطان في جلوس مثله ( أي للتدريس) نظر لم يكن له أن يترتب للجلوس فيه إلا عن أذنه كما لا يترتب للإمامةِ فيه إلا عن إذْنه لأن لا يفتات عليه في ولايته “، لما تكلم عن مسألة العالم إذا تصدر للتدريس قال: ” فإن كان للسلطان في جلوس مثله مثل هذا العالم أو هذا طالب العلم فإن كان للسلطان في جلوس مثله نظر لم يكن له أن يترتب للجلوس فيه” لم يكن له أن يتصدر للتدريس إلا بإذْنِ السلطان إلا عن إذْنه كما لا يترتب للإمامة أيضًا إمامة الناس في صلاة الجمعة أو في صلاة العيدين إلا قال عن ابنه ابن ولي الأمر لِئلا يفتات عليه في ولايته، يعمل أمرًا من خصائص الحاكم أو من ينوب عنه.

 

 

هذه مسائل مهمة يجب على المسلم أن يتعلمها ويعرف أدِلتها ويعرف كلام علماء أهل السُنة والجماعة فيها حتى لا ينزلق في المُنزلقات و الانحرافات الفكرية وغيرها مما أنهك المسلمين في بلادهم ، نسأل الله – عز وجل – أن يحفظنا وإياكم ويحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء و أن يوفق ولاةَ أمورنا لما يحبه ويرضاه و أن يرزقه البطانة الصالحة ويوفقهم لطاعته ويوفقنا جميعًا لطاعة و طاعة رسوله (ﷺ) و آخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.

Scroll to Top