الحياء شعبة من شعب الإيمان
قبل البدء ننبه أن كثير من الناس يكتب الحديث كما ذكرناه في الأعلى والصواب أن هذه اللفظة ليست واردة أما اللفظ الصحيح فهو ما أخرجه الإمام البخاري ومسلم وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: [ الإيمان بضع وسبعون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان ] نبدأ بذكر الأحاديث طبعًا هذا هو الدرس السابع من مختصر صحيح الإمام البخاري – رحمه الله – للإمام الزبيدي ، في ليلة الإثنين السادس عشر من جُمادى الأولى عام ثمانية وثلاثين بعد الأربعمائة و ألف، نقرأ الحديث تفضل. مُلقي الحديث : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آهلهِ وصحبه أجمعين، قال الإمام الزبيدي – رحمه الله تعالى – في مختصره على صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي (ﷺ) أنهُ قال «الإِيمَانُ بضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ». الشارح: أبو هريرة – رضي الله عنه – أُختلف في اسمه على ثلاثين قولًا وأكثر أهل الحديث على أن اسمه عبد الرحمن بن صخر – رضي الله عنه – وهو أكثر الصحابة روايةً عن رسول الله (ﷺ) وذلك أن النبي (ﷺ) دعا له (ﷺ) فبارك الله عز وجل في حفظه وفي علمه يروي لنا هذا الحديث عن النبي (ﷺ) قال «الإِيمَانُ بضْعٌ وسِتُّونَ شُعْبَةً، والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ». هذه رواية الإمام البخاري – رحمه الله – فعرفنا في الدرس السابق تعريف الإيمان، و قلنا أنه الإيمان هو التصديق الجازم و الإعترافُ والإقرار الكامل والإعتراف التام بوجود الله – عز وجل – و ربوبيتهِ و ألوهيتهِ واسمائه وصفاته و استحقاقه وحده – عز وجل – بالعبادة وإطمئنان القلب في ذلك كذلك هو التصديق أيضًا والإقرار والإعتراف بأن محمدًا رسول الله (ﷺ) خاتم النبيين (ﷺ) هذا مختصر تعريف الإيمان
ما معنى بضع وستون؟
قال بضعٌ وستون، البضع عند العرب كما في قواميس اللغة غالب من عرف البضع قال هو ما بين العدد ما بين ثلاثة وتسعة، العدد ما بين ثلاثة وتسعة يقال عنه بضع في لغة العرب فالإيمان بضع وستون هذه الرواية ستون جاءت رواية أيضًا عند مسلم وغيره، أيضًا بضع وسبعون وليس المراد هنا حقيقة العدد وإنما معنى التكثير المراد معنى التكثير وليس حقيقة العدد لأن الحافظ البيهقي – رحمه الله – جمع شُعب الإيمان في كتابه شُعب الإيمان، فهي أكثر من ثلاثمائة من شُعب الإيمان، فهنا ليس المراد حقيقة العدد بضعٌ وستون أو بضعٌ وسبعون، المقصود منها أو المراد معنى التكثير هي كثيرة هنا فائدة لغوية، إذا كانت كلمة بضع بغير (الهاء) فتكون للمؤنث و إذا كانت (بالهاء) بضعةٌ تكون للمذكر؛ بضعةُ وستون كتابًا بضعة لأن فيها (هاء) للمذكر، بضعٌ وستون طاولة، لأنها مؤنث قد جاءت بدون (هاء) هكذا تقرأ.
ما معنى شعبة
شعبة يعني قطعة أو فرعًا أو خصلة أو جزءًا فالإيمان بضع وستون شعبة والحياء شعبة من الإيمان. طبعًا جاءت في بعض الروايات «أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ»، والحياء شعبةٌ من الإيمان فهذا الحديث فيه فوائد أولًا نعرف معنى الحياء قال الحياء شُعبةٌ من الإيمان، فالحياء هو تغيرٌ و إنكسارٌ يعتري الإنسان من خوف ما يُعاب به بهذا التغير في نفسه و الإنكسار إذا خاف مما يُعاب منه خاف مما يعاب منه في لغة العرب أمَّا في الشرع فالحياءُ خُلقٌ يبعث صاحبه اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق كل ذي حق. وجاءت أحاديث كثيرة بالنسبة للحياء، قال (ﷺ) (الحياء خيرٌ كله) كما في صحيح مسلم وسنن أبي داوود الحياءُ خير كله فالحياء من الإيمان من شُعب الإيمان.
الحياء شعبة من شعب الإيمان
وهذا الحياء قد يكون غريزة وفطرة خُلق الإنسان على هذا الحياء من صغره وقد يكون تخلقًا و إكتسابًا، فممكن للمسلم أو للإنسان أن يكتسب الحياء يُعوّد نفسه على الحياء إلا أن استعماله على وقف الشرع يحتاج إلى اكتسابٍ وعلمٍ ونية حتى تؤجر على هذا الحياء ولابد من علم بفضله و أنه من الإيمان ثم أيضًا يحتاج إلى نية، فمن أراد الأجر والثواب على حياءهِ فيعلم بأن هذا من الإيمان وهذا مطلوبٌ شرعًا ومأمور بهذا الخلق وينوي التقرب إلى الله – عز وجل – بهذا الحياء فيثاق ويؤجر على حيائهِ فمن ثم كان من الإيمان مع كون الحياء باعثًا على الطاعات واجتناب المخالفات فهو أيضًا من الإيمان فهو من شُعب الإيمان وهذا الحديث الإيمان بضع وستون شعبة، دليلٌ على قبول الإيمان للزيادة والنقصان كما هو عليه أهل السُنة والجماعة أهل الحديث، أن الإيمان يزيد وينقص ومن أدلتهم هذا الحديث لماذا؟ لأن الإيمان له أعلى « أعلاها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ»، فله أعلى و أفضل وله أدنى وهذا يدل على أنه يقبل الزيادة والنقصان وقد زاد مسلم في صحيحه على رواية البخاري « فأفضلها قولُ لا إله إلا اللهُ، وأدناها إماطةُ الأذى عن الطريقِ» فهذه فائدة من فوائد هذا الحديث أنه يدل على أن الإيمان يزيد وينقص كذلك من فوائد هذا الحديث أنه دليلٌ على أن العمل من مُسمَّى الإيمان، أن العمل داخلٌ في الإيمان لأن شُعب الإيمان تتفرع عن أعمال القلب، وأعمال اللسان، وأعمال الأبدان الجوارح وفي الحديث إماطة الأذى عن الطريق وهي من أعمال الجوارح، فهذا يدل على أن الأعمال داخلةٌ في مُسمَّى الإيمان كما هو مذهب أهل السُنةِ والجماعة أهل الحديث. فأعمال الجوارح و الأبدان مثل إماطة الأذى عن الطريق التي في حديثنا كذلك الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج وغيرها هذه أعمال الجوارح، كذلك أعمال القلوب أيضًا فيها المعتقدات والنيات كالإيمان بالله وملائكته الإيمان بالغيب ومحبة النبي (ﷺ) و اتباع سُنته. ويدخل فيها أيضًا ترك الرياء والنفاق والكبر والحسد وغيرها من أعمال القلوب هذه كلها داخلةٌ في مُسمَّى الإيمان، كذلك أعمال اللسان كالتلفظ بالتوحيد وتلاوة القرآن وذكر الله – عز وجل – وتعليم العلم والدعاء وغيرها، و الإمام البيهقي – رحمه الله – له كتاب شُعب الإيمان من أراد أن يعرف هذه الشُعب ويعرف أدلتها فليرجع إلى هذا الكتاب القيم، الحديث الذي بعده. استغل وقتك في قراءة الأحاديث:
فوائد الحياء
1- الحياء يعزز التقوى: فالحياء يحافظ على الإنسان من الارتكاب المعاصي، ويساعد على تعزيز الخشية من الله، وتحقيق الإقبال إلى الله سبحانه وتعالى. 2- الحياء يعزز الاحترام والتقدير: فالحياء يساعد الإنسان على التصرف بالأدب والحرمة والتقدير في تعامله مع الآخرين، ويعزز الاحترام والتقدير بين الأفراد. 3- إنه من أخلاق المؤمنين: فالحياء يعتبر من الأخلاق المحببة لدى المؤمنين، ويعتبر من الصفات الطيبة التي يجب أن يتحلى بها المسلمون. 4- الحياء يوضح للآخرين أنك تحترم نفسك وتقدر القيم الأخلاقية. وبالتالي، يمكن أن يؤدي إلى جذب الآخرين إلى الاحترام والثقة بك. هنا سؤال من أحد الحضور: قال نريد توضيحًا وجمعًا بين حديث « الحياءُ شعبةٌ من الإيمانِ » الذي مر معنا في الدرس وبين حديث عائشة « أن نساءُ الأنصارِ لم يكنْ يَمنعُهنَّ الحياءُ أن يسألْنَ عنِ الدينِ وأن يتفقَّهنَ فيه » سؤال جيد.
- الإجابة ذكرنا هذا الدرس السابق أن الحياء هو إنكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب منه وهو خلق الحياء خلق يبعث على إجتناب الخبيث ويمنع من التقصير مع كل ذي حق، فإذا كان الحياء بعلم ونية كان من الإيمان مع كونه باعثًا عن إجتناب المخالفات والعيوب، وحديث نساء الأنصار فيه ثناء عليهن فرغم حيائهم وإجتنابهن القبيح من الأفعال والعيوب مع ذلك فإنهن يسألن عن أمور دينهن بحضرة الرجال ليرفعن الجهل عن أنفسهن ويعرفن الحلال والحرام
- فلا تعارض بين الحديثين فالمرأة تتصف بخلق الحياء، لأنه من الإيمان ولا يمنعها ذلك من سؤال العلماء وطلبة العلم في أمور دينها وهذا لا ينقص من حيائها.